الوقت الذي جرت عادة أهل بلده بالخروج فيه, فإن خرجوا قبله, لم يلزمه الخروج معهم, وإن أخروا الخروج بحيث لا يبلغون إلا بأن يقطعوا أكثر من مرحلة في مرحلة, لم يلزمه أيضًا.

لكن ما ذكرناه هو ما حمل عليه الرافعي هذا الإطلاق؛ لأجل ما نقلناه عن المتولي فيما إذا أمكن السير في حال الانفراد؛ على أنه لو قيل: يحمل هذا الإطلاق على ظاهره, لم يبعد؛ لأن المنفرد في الأسفار مع أمن الطريق تلحقه الوحشة الشديدة, وهو معرض للضياع؛ ولذلك كان "المسافر وماله على قلت إلا ما وقي الله", فجاز أن يسقط مثل ذلك الوجوب كما أسقطه عدم إمكان الوصول إلا بزيادة سير على القدر المعتاد, والله أعلم.

قال: وإن كانت امرأة, فأن يكون معها من تأمن معه على نفسها, أي: من محرم, أو زوج, أو نسوة ثقات, كان مع واحدة منهن محرم أو لا؛ كما صرح به العراقيون؛ لأن السفر بدون ذلك حرام؛ قال –عليه السلام-: "لا يحل لامرأة مسلمة تسافر ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها" أخرجه البخاري ومسلم.

وروى مسلم أنه –عليه السلام- قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم"؛ وهذا نص في تحريم المسافرة بدون محرم, وألحقنا الزوج والنسوة الثقات به؛ لأن المفسدة المتوقعة بفقده المندفعة بوجوده, تندفع بالزوج والنسوة الثقات.

وقد جاء في "البخاري" و"مسلم" عن أبي سعيد الخدري من طريقين أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرًا فوق ثلاثة أيام فصاعدًا إلا ومعها أبوها, أو أخوها, أو زوجها, أو ذو رحم [محرم] منها".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015