كما تقدم؛ فلذلك لا يجب إذا احتيج إلى أجرة لمن يصونه عنهم؛ وهذا ما أورده العراقيون والقاضي الحسين, وهو المنصوص.

وقد حكى الغزالي في أن أجرة البذرقة –وهي الخفارة-: هل تمنع الوجوب؟ وجهين:

أحدهما: نعم؛ لما ذكرناه.

والثاني: لا؛ لأن الأجرة بذل مال بحق؛ فإن ذلك أهبة من أهب الطريق؛ كالراحلة وغيرهما؛ وهذا أظهر عند الإمام.

[والخفار] –بضم الخاء, وكسرها, وفتحها؛ ثلاث لغات حكاها صاحب "المحكم"-: الاسم من قولهم: أخفرت الرجل إذا أخذته, وهي هنا بالضم لا غير.

قال: وأن يكون عليه من الوقت ما يتمكن فيه من السير, أي: المعهود في مثله لو أراده تجب بأول الوقت عند وجوب شرائط التكليف [وجوبًا موسعًا, والصوم يجب بطلوع الفجر من رمضان مع وجود شرائط التكليف] به؛ لأن الزمان الذي بين يديه متسع لذلك ظاهرًا؛ فكذلك هاهنا إذا بقي من الزمان بعد استجماع الشرائط السابقة ما يمكنه أن [يسير فيه] إلى مكة أما منفردصا إن احتمل الطريق ذلك كما قاله المتولي, أو مع الجمع إن لم يتمكن من السير إلا معهم, وخرجوا في الوقت المعتاد [بحيث يكونون في يوم عرفة بعرفة إذا ساروا السير المعتاد] يجب عليه الحج, وغلى الحالة الأخيرة أشار الشافعي بقوله في "المختصر": "وإذا استطاع الرجل وأمكنه مع سير الناس من بلده, فقد لزمه".

وقد أطلق القاضي الحسين القول باشتراط وجود رفقة يتوجهون إلى مكة؛ ليخرج معهم في الوجوب, وأنه إذا لم يجد لم يجب؛ لأجل ما ذكرناه من النص؛ ولأجله قال البغوي وغيره –كما حكاه الرافعي-: إنه يشترط أن يجد رفقة يخرج معهم في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015