واعلم أن ظاهر كلام الشيخ مع كلامه السابق الذي تقم تقريره, يقتضي أمرين:
أحدهما: أن العبد لا يلزمه الحج والعمرة بالنذر, وقد قال القاضي ابو الطيب وغيره عند الكلام فيما إذا أفسد الحج: إنه يلزمه بالنذر.
وحكى الإمام في آخر "النهاية" في انعقاد نذره وجهين:
أصحهما: الانعقاد؛ وعلى هذا لو وفى بنذره في حال الرق: فهل يبرأ منه؟ فيه ثلاثة أوجه, ثالثها –وهو ما ذكره صاحب "التلخيص", ولم يذكر غيره-: أنه إن أدى ذلك بإذن مولاه برئ, وإلا فلا.
وقال الإمام [ثم]: إنه ساقط لا أصل له. وقد صححه غيره, وقد يتخيل بين ما قاله الشيخ وغيره من انعقاد نذره منافاة, وليس كذلك؛ لأن القائلين بالانعقاد متفقون على عدم لزوم الوفاء به في حال الرق إذا صدر بغير إذن سيده وإن اختلفوا في براءته بإدائه في حال الرق, وإذا كان كذلك فقد جعلوا الحرية شرطًا في اللزوم, والشيء لا يوجد قبل شرطه؛ فصح أنه لا يجب إلا على حر, والله أعلم.
الثاني: أنه لا فرق في عدم وجوب ما وقعت الإشارة إلى نفي وجوبه من حج الإسلام, وعمرته, أو بالنذر, أو ما سببه دخول مكة, فقد حكى الإمام [فيما إذا أذن السيد له في الإحرام في وجوبه وجهين, وادعى أنه لا خلاف] فيما أذن له في الدخول المجرد: أنه لا يلزمه الإحرام, وهو المذكور في "تعليق" أبي الطيب.
فرع: لو أراد المولى أن يحرم عن العبد, قال الإمام: إن كان بالغًا, فليس له ذلك, وهو يحرم عن نفسه. وسكت عن العبد الصغير, والقياس أن يكون الحكم فيه كما في تزويجه, خصوصًا إذا خصصنا الإحرام عن غير المميز بالأب والجد, كالنكاح.