وإذا علمت أنه [لا يبطل صومه إذا نزع مع الفجر أو كان آخر نزعه، علمت أن الجنابة] لا تنافي الصوم، بخلاف الحيض، وقد دل على ذلك قول عائشة وأم سلمة زوجتي النبي صلى الله عليه وسلم: " [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم] يصبح جنباً [في رمضان] من جماع غير احتلام، ثم يصوم" أخرجه أبو داود، [وكذلك البخاري ومسلم وغيرهما مختصراً ومطولاً، وقال أبو داود:] "ما أقل من يقول هذه الكلمة"، يعني: "يصبح جنباً في رمضان" وأن الحديث: "كان يصبح جنباً وهو صائم"، وقد وقعت هذه الكلمة في صحيح مسلم، وما قال يعني به أبا هريرة من أن من أدركه الفجر جنباً، فلا صوم له – أحسن ما قيل في جوابه؛ كما قال الخطابي: أنه ظن أن ما كان من تحريم الجماع والأكل والشرب على الصائم بعد النوم أو صلاة العشاء غير منسوخ، [وقد ثبت نسخه] فارتفع [ما] ظنه.
قال: وإن استدام –أي: الأكل والجماع – [بطل؛ لتحقق الأكل والجماع] منه قصداً، ويجب عليه في الثانية مع القضاء الكفارة؛ لأنه آثم بالوطء، ومن هتك حرمة يوم من رمضان بالوطء مبتدئاً، وجبت عليه؛ فكذلك هاهنا، وبالقياس على القضاء؛ لأن كلاًّ منهما متعلق به عند الابتداء، فكذا في الدوام.
وقال المزني: لا كفارة؛ لأن الصوم لم ينعقد؛ لمصادفة ما ينافيه – وهو الجماع – فأشبه منترك النية ناسياً، ثم جامع: عليه القضاء، ولا كفارة.