وهو ذاكر للصوم – ففي إفطاره وجهان مخرجان من المضمضة والاستنشاق، وأصحهما: أن عليه القضاء.
وأما في الثانية: فلقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187]؛ فاقتضت الإباحة إلى الفجر فإذا نزع مع طلوع الفجر فقد فعل ما أباحه الله تعالى له؛ وذلك يقتضي ألا يفسد صومه.
[وعن المزني: أنه يفسد صومه]، لأنه يلتذ بالإخراج كما يلتذ بالإيلاج.
قال الأصحاب: وهو غلط؛ لما ذكرناه.
ولأن الإخراج ترك الجماع، وضد الإيلاج؛ فوجب أن يختلف الحكم فيهما؛ ألا ترى أنه لو قال: لادخلت هذه الدار، وهو داخلها، أو: لا لبست ثوباً، وهو لابسه، فبادر إلى الخروج والنزع – لم يحنث؟ وكذا لو تطيب المحرم ناسياً، ثم تذكر، وأزال الطيب بيده – لا يجب عليه الكفارة؛ لأنه غير متطيب؛ وهذا ما نص عليه في "المختصر" حيث قال: "وإن كان مجامعاً، أخرج مكانه، فإن مكث شيئاً، أو تحرك لغير إخراجه، فسد، وقضى".
واختلف الأصحاب في مراده بقوله: "أخرج مكانه":
فقال القاضي أبو الطيب: ليس المراد إجراءه على ظاهره؛ لأنه إذا جامع وقد طلع الفجر، فصومه باطل، سواء نزع عن الجماع أو استدامه، بل تقدير السألة: أن يكون قد أولج قبل طلوع الفجر، ثم نزع مع طلوعه.
وعن أبي إسحاق أنه قال: هو محمول على ما إذا أحس بتباشير الصبح، فنزع بحيث يوافق ابتداء طلوع الفجر آخر النزع، أما إذا طلع الفجر، وهو مجامع، وعلم بالطلوع لما طلع، ونزع لما علم – فسد صومه.
قال الرافعي: والحكم بالفساد في هذه الحالة مستبعد، لامبالاة به، بل قضية نقل كلام [الأئمة] نقلاً وتوجيهاً: أن المراد من مسألة النص الذي حكوا فيها خلاف المزني وغيره ما سنذكره.