والحامل] وإن كان صدر الآية عاما في حق الكل، وقد جاء مثل ذلك في مواضع من الكتاب العزيز، قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] فهو عام في حق الرجعية وغيرها، ثم قال: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228] وهو في الرجعية خاصة. وقال تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] عام في [الكبيرة والصغيرة]، ثم قال: {إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] وهو في الصغيرة خاصة. وقال تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 94] وهذا عام في المسلمين والمشركين، ثم قال: {لقد تقطع بينكم} الآية [الأنعام: 94]، وهي خاصة بالمشركين.

ولا نسلم أن القضاء لم يكن واجباً في صدر الإسلام، بل كان يجب [مع] الفدية؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 148]؛ فإن تقدير الآية: وعلى الذين يطيقونه عدة من أيام أخر وفدية، والعرب تعطف الشيء على الشيء، وتحذف الواو، فتقول: أكلت خبزاً سمناً، وتريد: خبزاً وسمناً.

وكون ابن عباس وابن عمر قالا: لا يجب القضاء، لا يمنع ذلك من الاحتجاج بقولهما على الخصم، في إيجاب الفدية؛ لأنهما حكمان.

والفرق بينهما وبين المريض والمسافر والشيخ الهم ومن في معناه حيث لا يجب عليهم إلا أمر واحد، وهو القضاء أو الفدية: أن فطر كل منهم لم ترتفق به إلا نفس واحدة، وفطر الحامل والمرضع ارتفق به نفسان، فلذلك وجب به أمران: القضاء، والفدية.

وعلى هذا فروع:

أحدها: لو كانت الحامل والمرضع في سفر أو مرض، فأفطرتا، هل يجب عليهما الفدية؟ نظر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015