القاضي الحسين أنها المذهب؛ ولأجل ذلك قال الإمام: الأصح القطع بإيجاب الدية عليها مع القضاء.
والأصح - وإن ثبت الخلاف - القول الأول؛ لما ذكرناه.
فإن قيل: الآية التي استدللتم بها منسوخة؛ لأن الإنسان كان مخيراً في صدر الإسلام بين الصوم والفطر وإخراج الفدية، ثم نسخ ذلك بقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، فإن قلتم: إن النسخ عام في كل واحد، فلا يصح لكم الاحتجاج بها، وإن قلتم [هو عام] إلا في حق المرضع والحامل، بطل قولكم بقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] لأن الفطر خير [للحامل والمرضع] بالإجماع.
وأيضاً: فينبغي أن توجبوا عليهما الفدية دون القضاء؛ لأن هذا هو الحكم في صدر الإسلام، وقد قلتم به في حق الشيخ الهم لما ادعيتم أنها غير منسوخة في حقه. وكذلك ابن عباس لما قال: إن الآية كانت رخصة للشيخ الهم والعجوز، وهما يطيقان الصيام: أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكيناً، والحبلى والمرضع إذا خافتا قال أبو داود: يعني: على أولادهما، قال: تجب الفدية دون القضاء. وهو المحكي عن ابن عمر [أيضاً، ومن] هنا ظهر أنه [لا] حجة في قولهما أيضاً؛ لأنكم توجبون القضاء مع الفدية.
فالجواب: أنا لا نسلم أن الآية منسوخة كما قال بعضهم، وإن سلمناه كما هو الصحيح، قلنا: هي منسوخة، إلا في حق الشيخ الهم، والحامل والمرضع للإجماع على جواز الفطر لهما مع القدرة وقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] لا يبطل ذلك؛ لأنه خاص بالشيخ الهم، [دون] [المرضع