البندنيجي- والهجرة.
وإلى سفر هو طاعة كالتطوع بالحج والعمرة، وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والوالدين، وطلب العلم، ونحو ذلك.
وإلى سفر هو مباح: كالسفر للتجارة، والنزهة والتفرج، كما قال البندنيجي وصاحب "البحر".
وقضية ما ذكرناه: الإعطاء للجميع، وذهب بعض الأصحاب إلى اختصاص الاسم فيما نحن فيه بمن سافر سفراً واجباً أو طاعة، دون من سافر [سفراً] مباحاً؛ لأن عنه غنية. والأصح الأول.
وذكر الرافعي الخلاف في السفر المباح ما سوى سفر النزهة، وقال: إذا قلنا: إنه كسفر الطاعة، ففي سفر النزهة خلاف؛ لأنه ضرب من الفضول، قال: والظاهر أنه ملحق بغيره من المباح، وحينئذ يكون في السفر المباح ثلاثة أوجه: ثالثها: إن كان سفر نزهة لم يلحق بسفر الطاعة، وإلا ألحق به.
وسلك الماوردي في السفر المباح طريقاً آخر، فقال: إن كان لغير حاجة – كالسفر للنزهة والتفرج – فلا يجوز أن يعطى وإن أبيحت له الرخص؛ لأن مال الصدقات مصروف إلى ذوي الحاجات. نعم، لو سافر للنزهة بماله، ثم انقطعت به النفقة لعوده- جاز أن يعطى لحاجته وضرورته. وإن كان سفره لحاجة ماسة: كالسفر في طلب غريم هرب، أو عبد أبق، أو جمل شرد فهذا يعطى؛ لشدة حاجته. وإن كان سفره لحاجة لكنها غير ماسة، كالسفر في تجارة – ففي جواز إعطائه وجهان حكاهما الإمام أيضاً عن رواية صاحب "التقريب" والشيخ أبي علي. ثم قال: ولا شك أن هذا مفروض فيما إذا كان ماله غائباً وهو يبغيه ليتجر، وقد حكى عن أبي إسحاق أنه قال: يجوز أن يعطى للعاصي بسفره ما يسد الرمق في الحال، ولا يعطى ما يسافر به، إلا أن يبقى منقطعاً به؛ فيعطى إذا أراد الرجوع إلى وطنه وإن كان أصل سفره معصية.
قلت: ويجيء وجه آخر: أنه لا يعطى حتى يتوب، كما قاله الشيخ أبو محمد في