ولو غزا ثم [فضل مما] أخذه فضلة أطلق ابن الصباغ والبندنيجي وغيرهما القول بأنه لا يؤخذ منه؛ فإنا إذا دفعنا إليه الكفاية فالفاضل من تضييقه على نفسه.
[وقال الرافعي: الحكم كذلك فيما إذا كان الفاضل يسيراً أو كثيراً وقد قتر على نفسه]، أما إذا لم يقتر على نفسه [فيسترد منه]؛ لأنه تبين أن المعطى فوق الحاجة، وأنه أخطأ في الاجتهاد.
قال: والثامن: ابن السبيل، وهو المسافر، أي المار بنا في سفره من غير نية الإقامة عندنا؛ سمي بذلك لملازمته السبيل – وهو الطريق – كملازمة الطفل أمه، قال البندنيجي: وهو اسم جنس.
قال: أو المريد للسفر، أي من وطنه أومن بلد هو مقيم فيه – ملحق بابن السبيل، وهو الأولى؛ لشمول المعنى الذي لأجله صرف لابن السبيل؛ فإن ابن السبيل يعطي لما ينشئه من السفر [لا] لما مضى منه؛ فاستوى فيه المجتاز والمنشئ؛ لأن لكل واحد منهما مبتدأ، ولأن المسافر لو دخل بلداً ونوى إقامته خمسة عشر يوماً، صار في حكم المقيمين من أهله، ولو أراد الخروج منه لجاز الصرف له بوفاق الخصم؛ فكذلك كل مقيم منشئ.
فإن قيل: كيف يسمى من لم يسافر مسافراً؟
قيل: كما يسمى من لم يحج حاجًّا، ومثل ذلك قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} [البقرة:282]، وهما لم يشهدا بعد.
قال: في غير معصية، هذا التقييد ليس راجعاً إلى بيان ابن السبيل المطلق، وإنما المراد بيان لابن السبيل المراد بالآية؛ لأن القصد بما يدفع إليه من الزكاة: إعانته على سفره وبلوغه مقصده، وإذا كان سفره معصية لا يليق بحاله الدفع إليه؛ كي لا يعان على المعاصي؛ فتعين أن يكون المراد به ما عداه، وهو ينقسم إلى:
سفر واجب: كالسفر للحج، والعمرة وإذا قلنا بوجوبها، والجهاد – كما قال