قال القاضي الحسين: والوجهان مبنيان على أن من انكسرت رجله في معصية فصلى قاعداً، فإذا برأ: هل تلزمه الإعادة أم لا؟ فيه خلاف: فإن قلنا: لا يقضي، دفع إليه وإلا فلا يعطي.

ومحل الخلاف إذا استدان استدانة صحيحة بنية الصرف إلى المعصية وصرف ما أخذه فيها، لا الاستدانة الفاسدة التي تملك الغرض، ولو كان قد استدان لغرض صحيح، ثم بدا له أن يصرف ما استدان إلى جهة الفساد - قال الإمام: فإن تحقق ذلك منه، فحق هذا الدين أن يقضي من سهم الغارمين، ولكنا إذا رأيناه قد استدان وصرف ذلك إلى المعصية لا نصدقه في انه ما كان نوى الفساد. ولو انعكس الحال، فاستدان بنية الفساد، ثم عصمه الله فصرفه إلى جهة مباحة - فهذا الدين مقضي وإن النية إنما تؤثر إذا حققت بالعمل.

وقد ألحق الشيخ أبو بكر الصيدلاني والقاضي الحسين الاستدانة للصرف في جهة إسراف- وهي الخارجة عن العادة المعتادة مما لا يكسب حمداً في العاجل، ولا أجراً في الآجل - بالاستدانة لأجل المعصية؛ لأن قضاء ديون المسرفين يجر حيلا واستجراء لأهل السفه، وفيه حرمان المقتصدين. وللإمام احتمال في ذلك، وقال: إن الأول هو الفقه.

ولو غرم [لا] لإصلاح ذات البين ولا لمصلحة نفسه، فذاك على قسمين:

أحدهما: أن يكون لمصلحة عامة، كاستدانته لبناء مسجد أو جامع أو حصن أو قنطرة أو فكاك أسير، وما جرى مجرى ذلك - قال الماوردي: فهذا يجوز أن يعطي مع الفقر والغنى بالعقار، ولايجوز أن يعطى مع الغنى بالناض؛ لأنه أي النفع متردد بين مصلحة نفسه ومصلحة ذات البين؛ فاقتضى أن يكون فيه متوسطاً بين الحكمين. وهذا ما ادعى الروياني في "الحلية" أنه الاختيار.

وعن أبي الفرج السرخسي: أنه ألحق ذلك وكذا قراء الضيف بما استدانه للنفقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015