والقاضي أبو الطيب حكى عن النص المنع، وجعل الجواز قولاً مخرجاً من نصه هنا، وكذلك الإمام ادعى أن ظاهر المذهب المنع، وأن الجواز وجه حكاه صاحب "التقريب"، وعلى هذه الطريقة إذا قلنا: إنه لا يجوز أن يصرف للشخص الواحد بسببين، لا يكون في مسألة الكتاب إلا الأقوال الثلاثة الأول.
والوجه الثاني: أن هذا القول جارٍ سواء قلنا بجواز الصرف بسببين إلى شخص واحد أو لا؛ لأن السببين هاهنا لحاجتنا فكانا كالسبب الواحد، والقولان في جواز الصرف للشخص الواحد بالسببين، إذا كانا لحاجته، ولو كان أحدهما لحاجته والآخر لحاجتنا: كالمسكين غرم لإصلاح ذات البين، أعطى له بهما [كما] حكاه الإمام عن رواية صاحب "التقريب"، وعلى هذه الطريقة فهل يتعين ذلك أم الأمر [مفوَّضٌ] إلى [رأي] صاحب الأمر؟ فيه خلاف، ولعل الأصح الثاني، قاله الإمام.
والوجه الثالث: أنه منزل على حالين:
فمن قاتل منهم المشركين أعطي من سهم الغزاة.
ومن قاتل منهم مانعي الزكاة أعطي من سهم المؤلفة.
قال الماوردي: والأصح عندي في هذا القول الرابع – غير هذه الأوجه الثلاثة -: أنه يجمع لهذه الأصناف كلها بين سهم المؤلفة وبين سهم سبيل الله في الجملة، إلا أن الشخص الواحد لا يجوز أن يعطي من السهمين، لكن يعطي بعضهم من سهم المؤلفة ولا يعطي من سهم سبيل الله [ويعطي بعضهم من سهم سبيل الله ولا يعطي من سهم المؤلفة]؛ فيكون الجمع بين السهمين للجنس العام، والمنع من الجمع بينهما للشخص الواحد، وهذا أصح ما يحمل عليه هذا القول.
قلت: وكلام أبي الطيب منطبق عليه؛ حيث قال: وقال بعض أصحابنا: إنما أراد الشافعي – رحمه الله –أن بعضهم يعطي من سهم سبيل الله وبعضهم [يعطي] من