قال: وضربٌ في طرف بلاد الإسلام، أي وهم ضربان – كما تقدم -:
قوم إن أعطوا دفعوا – أي بالقتال – الكفار أو البغاة أو المرتدين الذين بجوارهم، عن المسلمين، أي: الذين بجوارهم وضعفوا عن دفعهم. وإن لم يعطوا لم يدفعوا: إما لفقرهم، وإما لضعف نيتهم في الإسلام – كما قاله الماوردي – [واحتاج الإمام إلى مونة ثقيلة لتجهيز جيش لهم حتى يندفعوا عنهم.
وقوم إن أعطوا جَبَوْا الصدقات ممن يليهم، أي: بالقتال كما قال الماوردي] أو بغير قتال، بل لشدتهم وخوفهم منهم كما قاله غيره، وإن لم يعطوا لم يجبوها، واحتاج الإمام إلى مؤنة ثقيلة لتجهيز من يجيبها منهم، وهذا الضرب يعطي بلا خلاف، لكن من أي شيء؟
قال الشيخ: ففيهم أربعة أقوال:
أحدها: يعطون من سهم المؤلفة؛ لأنهم يتألَّفون على ذلك؛ فدخلوا في الآية.
والثاني: من خمس الخمس؛ لأنه مرصدٌ للمصالح، وهذا منها.
والثالث: من سهم سبيل الله؛ لأنهم غزاة ٌ أو يجرون مجرى الغزاة.
والرابع: من سهم المؤلفة وسهم سبيل الله؛ لأنهم جمعوا معنى الفريقين، وهذا هو المنصوص، كما قال في "المهذب" والقاضي الحسين.
وقال الماوردي: إنه معلولٌ؛ لما فيه من الجمع في دفع الصدقة بين سهمين بسببين.
واختلف أصحابنا لأجل ذلك في هذا القول على ثلاثة أوجه، حكاها البندنيجي وابن الصباغ وغيرهما:
أحدها: أنه جواب على القول الذي جوز الشافعي – رحمه الله – فيه إعطاء الشخص الواحد من الزكاة الواحد بسببين من سهمين إذا كانا فيه موجودين، فأما على القول الذي يمنع فيه من ذلك فلا يعطون إلا من أحد السهمين.
قلت: وهذا منهم يقتضي أن للشافعي – رحمه الله – قولين منصوصين في جواز الصرف للشخص الواحد بالسببين إذا اجتمعا فيه.