واجب أو مستحب؟ [فيه] وجهان، ثم إن أوجبنا اليمين فنكل لم يعط، وإن قلنا: إنها مستحبة، فيجوز أن يعطين وإن رآه ضعيفاً لكبر سنه أو نحافة بدنه أعطاه من غير يمين، قولاً واحداً.

قال: وإن ادعى عيالاً، أي: ولا يفي ماله بكفايته وكفايتهم – لم يقبل إلا ببينة؛ لأن الأصل عدم العيال، ويمكنه إقامة البينة على ذلكن وهذا ما أورده البغوي، وقال الرافعي: إنه الأظهر، وحكى القاضي أبو الطب وغيره وجهاً آخر: أنه يقبل قوله من غير بينة؛ كما يقبل قوله في أنه فقير، قال الماوردي: وعلى هذا فلابد من يمينه وجهاً واحداً؛ لأنه يستزيدها على حق نفسه، والله أعلم.

قال: والرابع: المؤلفة، أي: إن احتيج إليهم كما [قال] في "المختصر"؛ لقوله تعالى: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: 60] [والمؤلف: تؤلِّف واستميل] بالعطاء؛ نظراً لإصلاح المسلمين، ولهذا سموا: مؤلفة.

قال: وهم ضربان، أي المؤلفة من حيث هي مؤلفة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن المؤلفة التي هي أحد الأصناف الثمانية ضربان؛ لأن أحد الضربين – كما قال – مؤلفَّة الكفار، وليسوا ممن يأخذون الزكاة كما ستعرفه. والضَّرب: الصنف من الشيء.

قال: مؤلفة الكفار، ومؤلفة المسلمين، فأما مؤلفة الكفار فضربان: من يرجى إسلامهن أي لحسن نيته في الإسلام، ومن يخاف شره، أي في الإقامة أو السفر، ولا يقدر الإمام على دفعه.

قال: فيعطون؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى صفوان بن أمية وعامر بن الطُّفيل، وهما من الضرب الأول، والمعنى فيه تقوية نيتهما في الإسلام حتى يسلما، وأعطى عامر ابن الطفيل وقد كان ذا غلظة على المسلمين، ولذلك [قتل] أهل بئر معونة، وكان – عليه السلام – يتألفه، فأتى المدينة وقال: يا رسول الله، شاركني في أمرك وكن أنت على المدر وأنا على الوبر فقال: "لم يجعل الله ذلك لي"، قال: والله، لأملأنّها عليك خيلاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015