يضبط فيقال: ما لا يحتاج إليه في السنة فهو مستغن عنه، [وحاجته] بأثاث البيت وثياب البدن مقدرة بالسنة، ولا تباع ثياب الشتاء في الصيف، ولا ثياب الصيف في الشتاء، والكتب بالثياب أشبه، وقد يكون له من كتاب نسختان فيكتفي بالأصح منهما. نعم، لو كان له من علم واحد كتابان: أحدهما مبسوط، والآخر وجيز: فإن كان مقصوده الاستفادة فليكتف بالبسيط، وإن كان قصده التدريس احتاج إليهما.

قال في "الروضة": وما قاله حسن إلا في كتاب الوعظ أنه يكتفي بالواعظ، فليس بمختار؛ لأنه ليس كل أحد ينتفع بالواعظ كانتفاعه في خلوته [و] على حسب إرادته.

وقد شرع الإمام بعد ذلك في بيان ما تندفع به حاجة المسكين، فقال كلاماً يختص بعضه بالفقير فاعرفه لتلحقه بموضعه، وصورته: المسكين: يأخذ بعضه إلى الاكتفاء والانتهاء إلى مبلغ يفي [فيه] دخله بخرجه، ثم لا ينظر في هذا إلى ما يكفيه مدة [عمره] أو سنةً؛ فإن الذي يملك عشرين ديناراً لو كان يتَّجر ودخله من الربح لا يفي [خرجه، فهو من المساكين في الحال، وإن كان ما في يده يكفيه لسنة فالمرعيّ أن يتموَّل مقداراً ينتظم له منه دخلٌ يفي] بخرجه على ممر الزمان، وإن كان لا يحسن تصرفاً فالأقرب في ذلك: أن يملَّك ما يكفيه في العمر الغالب. كذا أشار إليه شيخي، وفيه يما ينبو عنه القلب؛ فإنه إذا كان [له] خمس عشرة سنة وقد يحتاج في السنة إلى عشرة، فما ذكرناه يؤدي إلى أن يجمع له مالاً جمًّا لا يليق بقواعد الكفايات في مطرد العادات؛ فالقريب من الفقه أن نقول: إن كان يحسن التجارة ملَّكناه مقداراً يرد عليه التصرف فيه ما يكفيه، ثم لا يحطه من الكفاية شيئاً، ولكن يكتفي بما يراه أدنى درجات الكفاية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015