قال الإمام: ولو صح هذا للزم على طرده أن يقول: [سهم العامل لو زاد] على أجرة المثل [فله أخذه بالغاً ما بلغ؛ ليعادل اقتصاره على ما يجد وإن نقص عن أجرة المثل]. وهذا بعيد لا يسمح به صاحب "التقريب"، ولم يصر إليه أحد من الأصحاب.
قال: والثاني: الفقراء؛ للآية.
[قال:] وهم الذين لا يقدرون على ما يقع موقعاً من كفايتهم، هكذا قاله الأصمعي، [واختاره الشافعي] في الجديد، وسنذكر لفظه.
ونقل المزني عن الشافعي أنه قال في القديم: الفقير: الزّمن الضعيف الذي لا يسأل الناس. فمن الأصحاب من جعل في اشتراط الزّمانة [وعدم التكسب في إطلاق اسم الفقير قولين، ومنهم من قال: هل يشترط التعفف عن السؤال؟ قولان، فإن قلنا: يشترط، فهل تشترط الزمانة؟] [فيه قولان حكاهما في "البحر"، قال الإمام: وإذا قلنا باشتراط الزّمانة] ففي اشتراط العمى وجهان.
والمعتبرون قطعوا بالجديد، وأوّلوا ما نقل عن القديم، وعلى هذا جرى المصنف حيث قال: "فإن رآه قوياً وادعى أنه لا كسب له أعطاه من غير يمين وقيل: يعطي بيمين]، فجزم بإعطائه مع الصحة.
و"الفقير" مشتق من انكسار "الفقار" – وهو الظهر- الذي لا تبقى معه قدرة، وقيل: من "الفاقرة"، وهي الداهية العظمى، أو الهلاك المستأصل، أو الشر المجلّي.
ثم عدم القرة على ما يقع موقعاً من الكفاية يصدق على من لا يملك شيئاً أصلاً وعلى من يملك قدراً يسيراً لا يقع منه موقعاً، قال البندنيجي: مثل أن يكون كفايته عشرة ودخله الدرهم والدرهمان. قال الرافعي: والثلاثة. وعلى ذلك ينطبق قول الشافعي في الجديد. الفقير: هو الذي لا شيء له، [أو له شيء] لا يقع منه موقعاً. وقال الإمام: إنه الذي لا يملك سبداً ولا لبداً، ولا تالداً ولا طارفاً. ولأجله. قال في