فأشبه الأجير الذي ينقل المال، ولأنه لما رد عليهم الفاضل رجع عليهم بالناقص، وهذا ما صححه الفوراني والنواوي، واختاره القفال، وهذه طريقة المزني التي حكاها الماوردي لا غير، صححها في "المهذب".
وأبدل القاضي أبو الطيب القولين بوجهين، والخلاف مأخوذ من قول الشافعي [في موضع من كتابه] [في "المختصر"]: "كمل من سهم المصالح سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كمَّله من مال أهل السهمان لم أر ذلك ضيّقاً":
فمن الأصحاب من أجرى اللفظ على ظاهره، وقال الإمام: مخير: إن شاء أخرجه من سهم المصالح، وإن شاء أخرجه من بقية السهام، والخيرة تتبع الاجتهاد لا على وجه التشهّي، وهذا معزيٌّ في "الشامل" إلى أبي إسحاق، واختاره ابن أبي هريرة كما قال في "البحر"، وقال القاضي أبو الطيب: إنه ظاهر مذهب الشافعي.
ومنهم من قال: جواب الشافع محمول على حالين، هؤلاء اختلفوا في الحالين ما هما؟
فمنهم من قال: الموضع الذي قال: يتمم من خمس الخمس، إذا قسم نصيب أهل السّهمان أولا؛ فإنه يعسر الاسترداد منهم، والموضع الذي قال: يتمم من مال أهل السهمان، [إذا كانت البداية بقسمة نصيب العاملين.
ومنهم من قال: الموضع الذي قال: يكمل [من مال] أهل السهمان] إذا فضل من استحقاقهم [فضلٌ] فيكمل من الفضل، والموضع الذي قال: من سهم المصالح، إذا لم يفضل من استحقاق أهل السهمان فضل. وهذا مجموع ما ذكره العراقيون.
ومنهم من قال: إن كان في بيت المال من سهم المصالح شيء صرف إليه، وإلا فيعطيهم من سهم الصدقات، وهذا ما أورده القاضي الحسين.
وقد أغرب صاحب "التقريب" فذكر قولاً آخر في [أصل] المسألة، وهو أنه إذا لم يف سهم العامل بأجرة مثله فليس له إلا ذلك السهم، ولا يكمل من موضع آخر.