وقيل: يجوز أن يكون منهم؛ لأن ما يأخذه أجرة فلا تمنع منه القرابة كأجرة النقال والحافظ؛ فإنه يجوز صرفها لهم وفاقاً، كما يجوز صرفها لسيد العبد إذا عمل والكافر وإن لم يكونا من أهل الزكاة، كذا حكاه العراقيون، وقال في "البحر": إنه اختيار القفال، وهوا لذي صححه الإمام في ضمن فرع من الباب، وكذا أبو الحسن العبادي، كما قال الرافعي.
وقد يرج حاصل الخلاف إلى [أن] ما يأخذه العامل أجرة أو زكاة؟ وفيه خلاف حكاه الفوراني وغيره، فإن قلنا: أجرة، جاز، وألا فلا.
فإن قيل: هذا فاسد؛ لأن الصحيح أنه أجرة كما قال ابن يونس، والمذهب: أنه لا [يجوز أن] يكون من ذوي القربى كما قال هو وغيره؛ فبطل ما ذكرتم.
قلت: الصحيح أن ما يأخذه العامل زكاة وإن كان مقدراً بأجرة عمله، وتصرف إليه وإن كان غنيًّا، وهو الذي جزم به الماوردي، وحكاه عن الشافعي – رحمه الله – متمسكاً فيه بقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الآية [التوبة: 60] فشرك في تمليكها بين الفقراء والمساكين والعاملين؛ فلم يجز أن يزال عن الصدقة حكمها باختلاف المتملكين.
وقد جعل الإمام شاهد الوجه الأول في أن المأخوذ أجرة: جواز صرف أجرة العامل من سهم المصالح، وشاهد كونه زكاة: منع ذوي القربى منه.
ولا خلاف في أنه يجوز أن يكون عاملاً إذا تبرع بالعمل، ويقال: إن الرشيد ولّي الشافعي – رحمه الله – صدقات اليمن.
قال ابن الصباغ: وكذا [إذا] عمل على أن يعطي من بيت المال.
قال الرافعي: ويجري الوجهان فيما إذا جعل بعض المرتزقة عاملاً.
ثم إذا قلنا بالمذهب فعليه فرعان يمكن أخذهما من كلام الشيخ الآتي من بعد: