وقال الماوردي: عوضه أنها تكون من سهم العامل، وعزاه إلى أبي إسحاق أيضاً.
قال: ومن شرطه أن يكون حرّا فقيهاً أميناً، أما وجه اعتبار الحرية والأمانة؛ فلأن ذلك ولاية على مال الغير، والعبد والفاسق ليسا من أهلها، ووجه اعتبار الفقه فيه: أنها ولاية من جهة الشرع [فيما] يفتقر [فيه] إلى الفقه؛ فاعتبر أن يكون المولى عارفاً [به] كالقضاء، والمراد: أن يكون فقيهاً في الزكاة، فيعرف ما تجب فيه من الأموال وقدر نصبها وقدر الواجب، وأوصاف مستحقيها، ومبل استحقاقهم منها، لا أن يكون فقيهاً في غير ذلك. وفي اعتبار الفقه تنبيه على اشتراط الإسلام فيه؛ [لأن] الفقه في الصدقات متوقف عليه؛ إذ أدلته: الكتاب والسنة، وبه صرح الأصحاب موجهين له بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: 118] يعني من دون المسلمين، وروي أن أبا موسى الأشعري رفع إلى عمر حساباً؛ فاستحسنه فقال: من كتب هذا؟ فقال كاتبي، قال: وأين هو؟ قال: هو على باب المسجد، قال: أجنبٌ هو؟ قال: لا، ولكن هو نصراني فقال: لا تأمنوهم وقد خوّنهم الله – تعالى- ولا تقرّبوهم وقد أبعدهم الله!
قال: ولا يكون من حرمت عليه الصدقة من ذوي القربى، أي: إذا عمل ليأخذ من الزكاة؛ لقوله – عليه السلام – للفضل بن العباس، وقد طلب منه أن يجعله عاملاً على الصدقة: "أليس في خمس الخمس ما يكفيكم ويغنيكم عن أوساخ النَّاس؟! ". وهذا ما [نص عليه كما] حكاه البندنيجي، و [قال] أبو الطيب غيره: إنه ظاهر المذهب. [وقال القاضي الحسين والشيخ في "المهذب": إنه المهذب].