درهم، فأخرج زكاة أربعمائة، وبلغتها قيمة العرض: فهل يجزئ؟ فيه طريقان، المشهور: الإجزاء، وعن ابن عبدان حكاية الوجهين فيه.
واحترز بقوله: بالحول والنصاب، عن زكاة المعدن والركاز؛ فإن ابن عبدان قال: لا يجوز تقديمها على الحول، وهو ما حكاه في "المهذب".
وعما تجب الزكاة فيه ببدو الصلاح والانعقاد - وهي المعشرات - فإنه لا يجوز تعجيل الزكاة عنها قبل بروز الطلع - ونبات الزرع بلا خلاف، وكذا بعد بروز الطلع ونبات الزرع إلى أن يدرك عند أبي إسحاق، كما قال الروياني وغيره، وبه قال الشيخ أبو حامد، كما قال الفوراني والمسعودي، وقال البندنيجي: إنه المذهب، وقال الرافعي: إنه الأظهر [عند أكثر العراقيين، وتبعهم البغوي. فإذا أدرك فقد وجبت؛ فلا تعجيل، وخالف سائر] الزكوات حيث يجوز تعجيلها قبل الوجوب؛ لأنه لم يظهر ما يمكن معرفة مقداره تحقيقاً، ولا خرصاً تخميناً ولا كذلك غيره من أموال الزكاة، ولأن سائر الأموال وجوبها تعلق بسببين فجاز تقديمها على أحدهما، وهاهنا تعلق بسبب واحد وهو الإدراك؛ فلم يجز تقديمها عليه كما لا يجوز تقديم غيرها على السببين.
قال الشيخ أبو حامد: ولا يجوز التقديم على السبب الواحد إلا في مسألة واحدة، وهي: إذا اضطر المحرم إلى صيد فقدم الجزاء؛ فإن الشافعي - رحمه الله - جوّزه، قيل: فكأنه جعل الإحرام أحد سببيه فلذلك جوزه. وفيه نظر؛ لأنه لو كان كذلك لجوزه قبل الحرج إذا لم يضطر إليه، وهو لا يجوز، قال في "الحاوي" في كتاب الأيمان: وقد وهم أبو حامد الإسفراييني فخرجه على وجهين، وهما شبيهان بوجهين حكاهما الحناطي في جواز تقديم كفارة الوقاع في رمضان عليه، والأصح: المنع، وهو الذي أورده الجمهور.
وقد حكى الإمام وجهاً آخر: أنه لا يجوز الإخراج بعد الإدراك وقبل الجفاف في الثمار والتصفية في الحبوب؛ لأن وجوب الإخراج بعد ذلك يكون كالتعجيل قبله،