القضاء من أحدهما لبقي النصاب الآخر- نظر:

فإن لم يكن الدين من جنسهما وزعا عليهما، ولا زكاة، وهذا ما حكاه القاضي الحسين وتبعه البغوي.

وقال ابن الصباغ: الذي يقتضيه المذهب أنه يراعى في ذلك حق الفقراء كما صرفنا [عين] مال الزكاة إلى ديونه، وهذا يحكى عن أبي قاسم الكرخي، ويقال: إنه يحكى عن ابن سريج ما يوافقه، وقد أقام المتولي هذا وجهاً آخر في المسألة فحكى فيها وجهين، وصحح الثاني وجزم القول بأنه لو كان يملك أجناساً وبعضها لا يبلغ نصاباً وبعضها يبلغ نصاباً: أنا نجعل الدين من الناقص؛ مراعاة لحق الفقراء، وهذا يقوي ما صححه.

ولو كان الدين من جنس أحد المالين اللذين كل منهما نصاب فهل يقضي عليهما أو يختص بالجنس؟ فيه وجهان بناهما المتولي على أن من امتنع من قضاء دين وظفر صاحب الدين بأمواله، وفي الأموال جنس الحق وغير الجنس فله أن يأخذ الجنس، وهل له أن يأخذ من غير الجنس فيه وجهان، فإن قلنا: لا يأخذ إلا الجنس فيجعل الدين هنا في مقابلة الجنس، وهو الذي صححه؛ لأنه أقرب إليه، وإلا ينقص على الجميع، وهذا ما صححه القاضي الحسين، والرافعي بناهما على أن الدين من غير الجنس يمنع الوجوب أم لا؟ فإن قلنا: يمنعه، فالحكم كما إذا كان من غير جنس أحدهما، وإن قلنا: [لا يؤثر] في غير الجنس، اختص بالجنس.

وحكى ابن يونس وجهاً ثالثاً: أنه يراعى فيه حظ الفقراء.

فرع. لو ضمن عن آخر مالا بإذنه فهذا الدين هل يمنع؟ قال في "البحر": قال والدي: لا نص فيه، ويحتمل وجهين:

أحدهما: لا يمنع؛ لثبوت حق الرجوع له بعد الأداء؛ فصار كأنه لا دين عليه حيث يصل إليه عوضه عقب أدائه.

والثاني: يمنع؛ لأن الدين عليه في الحال، ولا شيء له على المضمون عنه قبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015