تمنع وجوب [زكاة عليهم، كما أن مشاركة المكاتب والذمي لا تمنع وجوب] الزكاة على الحر المسلم، ونسب قول البغوي إلى البصريين من أصحابنا، وقال: إنه بنص الشافعي أشبه؛ لأنه قال في تعليل إسقاط الزكاة عن مال الغنيمة: لأنه لا ملك فيه لأحد؛ فإن للإمام أن يمنعهم قسمته إلى أن يمكنه، ولأن فيه خمسا.
قلت: وكأن القائلين بهذا لاحظوا التفرقة بين ما بعد إفراز الخمس وما يخرج من رأس الغنيمة وقبل ذلك، بالنسبة إلى جواز الإعراض عن الغنيمة قبل الإفراز والمنع من الرد بعده لكنَّ هذا قول مخرج ذكره ابن سريج، والمنصوص أنه لا فرق في نفوذ الرد بين الحالين، وهو الأصح في "التهذيب"، فلا جرم سوى الطبري وغيره بينهما هاهنا، ولم يجعلوا للقدرة على الرد من جهة المالك أثرا في منع الزكاة [كما لم يجعل الأصحاب كافة لقدرة المشتري على رد المبيع إذا كان الخيار له وحده، وقلنا: إن الملك له- أثرا في منع الزكاة] ولم يجعل [الجمهور] لقدرة الملتقط على رد العين الملتقطة وقد ملكها على مالكها- أثراً في منع وجوب الزكاة عليه كما تقدم.
وقد سلك الإمام طريقاً آخر فقال: وجوب الزكاة ينبني على أن الغنيمة هل تملك قبل القسمة أم لا؟ إن قلنا: لا فلا زكاة فيها بحال، وإن قلنا: نعم، ففي الوجوب ثلاثة أوجه:
أصحها- وهو المذهب [وبه قطع أئمة المذهب]-: لا؛ لضعف الملك، ولأن الملك في المغنم غير مقصود وإنما يتحقق القصد عند القسمة، والغرض من الجهاد إعلاء كلمة الله تعالى والذب عن دين الله تعالى.
والثاني: نعم؛ اكتفاء بأصل الملك.
والثالث: إن كان فيما غنموه ما ليس بزكاتي، ونحن نقدر أن تقع بزكاتي خمساً فلا زكاة أصلا؛ فإن للإمام أن يوقع القسمة على الأخماس على شرط التعديل فيوقع الزكاتي على الخمس، وإذا كان ذلك ممكناً مقدراً فلا زكاة لضعف الملك وانضمام هذا التقدير إليه. وقد حكى الرافعي هذا الوجه عن روايته