الأربعاء، وفي تلك الليلة اعتمرت عائشة- رضي الله عنها- ثم طاف- عليه السلام- طواف الوداع سحراً قبل صلاة الصبح يوم الأربعاء، وخرج صبيحته، وهو الرابع عشر".
وما ذكره الشيخ من عدم اعتبار يوم الدخول والخروج في المدة هو ما ذكره العراقيون، والأصح عند المراوزة- كما حكاه في "الكافي" وغيره- وحكى القاضي الحسين وجهاً آخر: أنهما يحسبان من المدة، كما يحسب في مدة المسح يوم الحدث، ويوم نزع الخف.
قال: ومن قال به، أجاب عن الحديث بأنه يحتمل أن يكون- عليه السلام- دخل مكة بعد الزوال، وخرج قبله على عادة الحجيج، فعلى هذا إذا كان دخوله يوم الجمعة عند الزوال، ونوى أن يقيم السبت والأحد والاثنين، ويخرج قبل الزوال من يوم الثلاثاء- جاز له القصر، قال في "التتمة": ولا يختلف المذهب فيه. وإن نوى أن يخرج يوم الثلاثاء بعد الزوال، لزمه الإتمام من حين قدومه؛ لأنه [قد] نوى مقام أربعة أيام.
[و] كذا ما ذكره من أنه إذا نوى مقام أربعة أيام، غير يوم الدخول ويوم الخروج يلزمه الإتمام- هو الذي عليه الجمهور.
وذهب المزني إلى أن له [أن يقصر ما لم] ينو مقام خمسة عشر يوماً، غير يوم الدخول والخروج، كما صار إليه أبو حنيفة.
واختار ابن المنذر من أصحابنا ما صار إليه أحمد، وهو أنه إذا نوى مقام مدة يفعل فيها أكثر من عشرين صلاة أتم، وقال ابن الصباغ: إنه قريب من مذهب الشافعي.
واعلم: أن بعض الشارحين قد اعترض على الشيخ، فقال: كلامه يفهم أنه يشترط إقامة أربعة أيام في لزوم الإتمام، وليس كذلك، بل [لو] نوى الإقامة ثلاثة أيام ولحظة، صار مقيماً. وهذه عبارة الإمام؛ فإنه قال: "إذا انتهى المسافر إلى بلدة أو قرية، دون مقصده، ولم يكن له بها حاجة يرتقب نجازها: فإن أقام ثلاثة أيام بلياليها فهو مسافر، وإن انبرم عزمه على مقام أربعة أيام أو على مقام