وما ذكرناه في إدراك الخامسة بإدراكها مع الإمام- كما ذكرنا- مصور بما إذا جهل المأموم أنها خامسة الإمام، فلو علم ذلك، قال القاضي الحسين: فهل يصح إحرامه خلفه؟ فيه وجهان:
المذهب: أنه لا يصح.
فإذا قلنا: يصح، فلا يتابعه فيها، ولو تابعه، بطلت صلاته، والله أعلم.
قال: [فإن أدركه] في الركعة الأخيرة؛ فهي أول صلاته، وما [يأتي به]، أي: منفرداً- فهو آخر صلاته؛ لما روى أبو هريرة أنه عليه السلام قال: "إذا سمعتم الإقامة، فامشوا وعليكم السكينة والوقار؛ فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" أخرجه البخاري ومسلم. وإتمام الشيء لا يكون إلا بعد أوله؛ ولأنه فعل صلاة [تلي] تكبيرة الإحرام؛ فوجب أن يكون أولها؛ كالإمام؛ ولأنا أجمعنا [مع الخصم] على أنه لو أدرك ركعة من المغرب، أتى بأخرى، وجلس للتشهد، وذلك يدل على أن ما أدركه مع الإمام أول صلاته.
فإن قيل: قد جاء: "وما فاتكم فاقضوا"، ولو كان ما يأتي به آخر صلاته، لم يكن قاضياً، ولأنه يتبعه في التشهد والقنوت، وليس ذلك من حكم أول صلاته.
قلت: القضاء [في الخبر] لا يمكن حمله على حقيقته الشرعية؛ لأنه عبارة عن فعل العبادة خارج وقتها، وإذا تعذر حمله على حقيقته، حملناه على أصل الفعل؛ كما في قوله: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200].
وأما كونه يتبعه في التشهد، والقنوت؛ فذاك لأن عليه إتباع إمامه؛ كما يتبعه فيما لا يعتد له به من السجود، ونحوه.
قال: يعيد فيه القنوت؛ [لأنه] إذا [ثبت أنه] آخر صلاته أعاد فيه القنوت؛ [لأن محل القنوت آخر الصلاة.