قلت: وأنت إذا تأملت ما ذكره من التخريجين، عرفت أن ما قاله شيخه هو الذي نقله المزني في الجامع الكبير عن الشافعي، وما قاله الإمام هو عين ما حكاه الماوردي عن النص؛ فلا يحتاج إلى التخريج، ثم فيما قاله شيخه نظر من وجه آخر، وهو: أنا قد حكينا أن القول بصحة جمعة الإمام [إذا انفض القوم بجملتهم في الأولى مخرج من هنا؛ فكيف يخرج من الفرع أصله؟! نعم ستقف في باب صلاة الجمعة على أن القول بصحة جمعة الإمام] مع انفضاضهم في الأولى منصوص للشافعي، وحينئذ يستقيم التخريج منه إلى هنا لو عدم النص فيه، وأما تخريج الإمام، وقوله: "إنه لا يكاد يظهر بين المسألتين فرق"، فالأصحاب صرحوا به في كتاب الجمعة، وسنذكره ثم- إن شاء الله تعالى- فإن قلنا: يجوز الاستخلاف، جاز أن يستخلف في غير الجمعة من كان معه قبل حدثه من أول الصلاة، أو في آخرها، ويجب عليه أن يمشي على ترتيب صلاة إمامه؛ فيجلس؛ للتشهد [في موضع تشهد إمامه، ويقنت حيث يقنت، وإن لم يكن ذلك محلاً لتشهده] وقنوته؛ قاله ابن الصباغ. فإذا تمت صلاة المأمومين، قام إلى تتمة صلاته، وقنت في موضع قنوته، وتشهد في موضع تشهده، ويخير القوم بين أن ينتظروه حتى يسلم بهم، وبين أن ينووا المفارقة [ويسلموا، وبين أن يقدموا واحداً منهم، ليسلم بهم؛ أي: بعد نية المفارقة].
وحكى مجلي في جواز انتظارهم له خلافاً، والمشهور: الأول.
وفي "زوائد" العمراني أن القاضي سليم قال في "فروعه": إنه لا يجب على المستخلف أن يمشي على ترتيب صلاة مستخلفه، بل على ترتيب صلاة نفسه، وهو في حكم إمام منفرد، وهل يشترط أن ينوي المأموم الاقتداء بالخليفة، أم لا؟ الجمهور على عدم الاشتراط.
قال في "الكافي": وهو الأصح. وأشار بذلك إلى وجه حكاه في "التهذيب": أنه يشترط ذلك.