يختلف فيه مذهب الشافعي، وسائر أصحابه، وإن كان في الثانية، فمذهب الشافعي: أنهم يتمونها ظهراً، وعلى قياس مذهب المزني في مسألة الانفضاض، يتمونها جمعة.

ويجيء من مجموع النقلين في المسألة ثلاثة أقوال، حكاها مجلي:

أحدها: أنهم يتمونها جمعة، كيف كان الأمر.

والثاني: يتمونها ظهراً، كيف كان الأمر، وهذا إذا ضاق الوقت عن إمكان إعادة الخطبة والصلاة؛ فإن أمكن أعيدت.

والثالث: إن كان حدثه في الأولى، أتموها ظهراً إن ضاق الوقت، وإن كان في الثانية، أتموها جمعة، وهذا ما أورده البندنيجي والبغوي.

قال الإمام: إن الأصحاب قطعوا بما إذا كان حدثه في الثانية أنهم يتمونها جمعة، وإن كان في الأولى؛ فهل يتمونها ظهراً، أو نفلاً، أو تبطل؟ فيه خلاف يأتي مثله في مسألة الزحام ونظائرها. ثم قال: وكان شيخي يقول: قد ذكرنا في مسألة الانفضاض قولاً: أن القوم إذا انفضوا في الركعة الأولى، وبقي الإمام وحده- أن الجمعة تصح، وعلى هذا لا يمتنع أن نقول: إذا بطلت صلاة الإمام في الركعة الأولى، وزال [الإمام] عنهم- كان كانفضاضهم عن الإمام، فإذا كان الإمام يتم الجمعة، [فأولى أن يتم المأمومون]، وإن جرى الانفضاض في الركعة [الأولى]، فكذلك القوم يتمون الجمعة وإن زال إمامهم في الركعة الأولى، وهذا قياس حسن، غير أن قياسه: أن صلاة الإمام إذا بطلت في الركعة الثانية ألا يتم المأمومون الجمعة على قول؛ [بناء] على أن الانفضاض لو حصل في الركعة الثانية، لا يتمها الإمام جمعة، وقد قال الأصحاب: إنهم يتمونها جمعة، ووافقهم شيخي، وعندي [أنه] يقتضي طرد القياس؛ إذ لا يكاد يظهر فرق؛ فإن الإمام ركن الجماعة في حق المقتدين؛ كما أن القوم ركن الجماعة في حق الإمام، وليس كانفراد المسبوق بركعة؛ فإنه قد صحت الجمعة للإمام والجمع؛ فأثبت للمسبوق إدراك الجمعة على طريق التبعية لأقوام صحت جمعتهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015