واعلم أنَّا لم نجعَل عُمدتنا فِي إباحته ما مرَّ من الآثار، ولا ندَّعي أنها جميعها صحيحة؛ ولذلك لم نشتغلْ بالكلام على رجالها، ولكنَّا نقول: إنَّه غير محرَّم لعدم قيام ما يدلُّ على التحريم، وما أوردناه من الآثار ومذاهب السَّلَفِ يساعد القول بالحل، وإن لم يكن هو المستند، ا. هـ.
قال الماوردي: وفيها مع تدبير الحرب، ومكيدة العدوِّ، وتشحيذ الخواطر، وتزكية الأفهام، ووُجوه الحزم [ما يشبه] اللعب بالحِراب والرِّماية والفروسيَّة، فإنْ لم يكن لأجل ذلك ندبًا مستحبًّا، فأولى ألاَّ يكون حظرًا محرمًا (?)، وأجاب هؤلاء عن أدلَّة التحريم السابقةِ بأنَّ الميسر هو القمار ولا خِلافَ فِي تحريمه، وتفسير عليٍّ السابقُ لم يصحَّ عنه، لا سيَّما وقد حصَل فيه شكٌّ من بعض رواته، بل فِي حديثٍ مرسل مرَّ: ((ثَلاَثة مِن المَيْسِرِ: القِمارُ، والضربُ بالكِعابِ، [والصَّفيرُ] بالحمامِ)) (?).
والخصم لا يحرِّم الأخيرَ مع الحكم عليه بأنَّه من الميسر، وبأنَّه حيث صَدَّ عن ذِكر الله وعَن الصلاة فهو كسائر [ز1/ 44/ب] المباحات إجماعًا حَرام حِينئذٍ، وليس هذا من محلِّ النِّزاع؛ إذ محلُّه فِي مجرَّد لعبٍ لم يقتَرِنْ به فُحْشٌ مطلقًا، وبأنَّ قولَ علي للاعِبيه ما مرَّ إرشادٌ على أنَّه كان يصور مسمياته كما مرَّ، قال الصولي: ولم يزل الشِّطرَنج على ذلك أيَّام بني أميَّة، وقد رأيت منها شيئًا كثيرًا، وكثرت فِي ذلك الزمن لقُرب أيَّام الأعاجم منه، ولأجل ذلك قال: التماثيل، ولم يُنهَ عنها نصًّا تامًّا؛ ومن ثَمَّ استدلَّ به بعضهم على أنَّه كان يقول بعدم تحريمها، وإلا لأمرهم بالمعروف وأقامهم عنها قهرًا عليهم؛ ومن ثَمَّ لعبها كثيرون من التابعين وهم بقَوْلِ عليٍّ أعلم، وهم إليه