تمثل ببني آدم وغيرهم فِي أسمائها، ومَن لم ينهَ عنها من الصحابة ظنَّ أنها ليست ممَّا يلهي، وزعَم بعضهم أنَّ فيها تدبيرًا للحرب ممنوع، بل لا تنفع فِي الحرب وإنْ سُلِّمَ فهو لا يقصد منها، بل المقصود منها غالبًا اللعب والقمار، وتجويز إباحة ابن عمر للنرد بعيدٌ، كيف والأدلة ظاهرة فِي تحريمه [ز1/ 44/أ] لا سيَّما وهو من أشدِّ الصحابة اتِّباعًا وأعظمهم تحرِّيًا، وقد بالَغ ابن العربي المالكي فِي الإنكار على لاعِبِها فقال: انتهى مقال بعض الشافعيَّة إلى أنْ يقول: هو مندوبٌ إليه لأنَّ جمعًا من الصحابة والتابعين فعَلُوه، وهو يشحَذُ الذهن، حتى اتَّخذوه فِي المدارس ليلعَبُوا به عند الأعياد، تاللهِ ما مسَّها [يد تقي]، ولا لعب بها صحابيٌّ ولا غيرُه، ولا يتمهَّر فيها رجلٌ قطُّ له ذهن.

القول الثاني: إنَّه مباح، وهو - وإنْ قال به جماعة من أكابر أصحابنا وغيرهم - شاذٌّ، وقد تطابَق كثيرٌ منهم على قولهم وإفتائهم بما لفظه: إذا سلمت الأموال عن الخسران، واللسان عن الطُّغيان، والصلاة عن النِّسيان، فهو أنسٌ بين الإخوان، واشتغالٌ عن الغيبة والبهتان (?)، وحُكِي نحو هذه العبارةِ عن الشَّافِعِيِّ، وشرَط الماورديُّ للإباحة انتفاءَ سائر وُجوه الخلاعة، وتمسَّكوا بأنَّ الإباحة هي الأصل، وبأنَّ فعله والإقرارَ عليه جاء عمَّن لا يُحصَى من العلماء، وبأنَّه ينفَعُ فِي تدبير الحرب، وبأنَّ بعضَهم رأى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فشكا ولدَه فِي إدمانه عليه فقال: ((دعْه، فلا بأس به))، وقد ذهب بعض أصحاب الشَّافِعِي إلى جواز العمل بذلك؛ لأنَّ مَن رآى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد رآه حقًّا، قال التاج السبكي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015