وكَرِهَه أبو يوسف تحقيرًا له! لعلَّه يتوبُ، ومرَّ عن عليٍّ وغيره ما يشهَدُ له، وبه قال مالك وأحمد.

(تَنْبِيه رابع) فِي جملة الأقوال فِي الشِّطرَنج قد مرَّ أنَّ أكثر الصحابة والتابعين ومَن بعدهم على تحريم لعب الشِّطرَنج؛ ومنهم أبو حنيفة، ومالك، وأحمد، ونُوزِع فِي نقْل التحريم عن مالك، ويردُّه قول ابن عبدالبر: أجمع مالك وأصحابه على تحريمه (?)، وبه جزَم الحليمي من كبار أصحابنا، واختاره القاضي الروياني، وجزم الذبيلي من أئمَّتنا أيضًا بأنَّه من الصغائر، وتمسَّك القائلون بالتحريم بقوله - تعالى -: {إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ} الآية (?)، فَسَّر علي وغيره الميسرَ بما يشمل الشِّطرَنج؛ حيث جعله منه [ز1/ 43/ب] ولم يَثبُتْ عن صحابيٍّ أنَّه خالَفَه فِي هذا التفسير، فهو إمَّا تفسير لغة فهو من أعلم أئمَّة اللسان فيُرجَع إليه، أو إبداء حُكمٍ فهو إجماع سُكوتي، أو قول صحابي لم يُخالَفْ، وهو حجَّة عند الجمهور، أو غيرهما فهو فِي حُكم المرفوع؛ إذ لا مجالَ للرأي فيه، وبقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ} الآية (?)، دلَّ على أنَّ كلَّ لهوٍ دعا قليلُه إلى كثيرِه وأوقع العَداوة والبَغضاء بين العاكفين عليه وصدَّ عن ذِكر الله وعَن الصلاة فهو كشُرب الخَمْر والميسر؛ فيكون حرامًا مثلهما، ولا شكَّ أنَّ الشِّطرَنج إذا استُكثِر منها يُؤدِّي لذلك كله، كيف ولاعبها لا يحسُّ بجوعٍ ولا عطشٍ ولا غيرهما من أحواله الضروريَّة فضلاً عن العاديَّة والعباديَّة، وقد شبَّه عليٌّ لاعبها بعابد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015