الانضِمام من القبح ما لم يُفدْه الانفِراد فلا يبعد جعْل [ز1/ 43/أ] هذا الانضِمام [من القُبح] مقتضيًا لمزيد التغليظ والتنفير عنه.

فإنْ قلت: كيف يكونُ إخراج الصلاة عن وقتها به كبيرةً مع أنَّه مشغولٌ به فهو غافلٌ، والغافل غير مُكلَّف، وكذا الجاهل والناسي فكيف يحكم بتأثيمه فضلاً عن كونه كبيرة؟

قلت: محلُّ عدَم تكليف النَّاسي والغافل والجاهل حيث لم ينشأ النسيان والغفلة والجهل عن تقصيره وإلا كان مُكلفًا آثمًا، أمَّا فِي الغَفلة فلمَّا صرَّحوا به فِي الشِّطرَنج من أنَّه لا يُعذَر باستغراقه فِي اللعب حتى خرَج وقت الصلاة وهو لا يشعُر؛ لما تقرَّر أنَّ هذه الغفلة نشَأتْ عن تقصيره بمزيدِ انكِبابه ومُلازمته على هذا المكروه حتى ضيَّع بسببه الواجب عليه، وأمَّا فِي الجهل فلِمَا صرَّحوا به من أنَّه لو مات إنسانٌ فمضَتْ عليه مُدَّةٌ ولم يُجهَّز ولا صُلِّي [عليه] أثم جاره وإنْ لم يعلم بموته؛ لأنَّ تركَه البحثَ عن أحوال جاره إلى هذه الغاية تقصيرٌ شديدٌ، فلم يبعد القول بعِصيانه وتأثيمه.

فإنْ قلت: ما الفرق عندكم بين النرد والشِّطرَنج؟

قلت: قد أشَرتُ إلى الفرق بقولي فِي النرد: وحِكمة تحريمه ... إلى آخِر ما قدَّمته فِي مبحثه، وهو مستمدٌّ من فَرقِ أئمَّتنا بأنَّ التعويل فِي النرد على ما يخرجه الكعبان فهو كالأزلام، وفي الشِّطرَنج على الفكر والتأمُّل وأنَّه ينفع فِي تدبير الحرب.

(تَنْبِيه ثالث) اختلفوا فِي مشروعيَّة السلام على لاعبه والرد عليه، فعندنا يُشرَع عليه وإنْ علم أنَّه لا يجيب ويجب الردُّ عليه لو سلَّم، واختلف القائلون بحرمته؛ فقال أبو حنيفة: يسلم عليه؛ لأنَّه يشتغل بالرد عمَّا هو فيه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015