والحاصل: أنَّ المُعتَمَد عندنا من أنَّ ذلك من الصَّغائر حيث لم يحصلْ إدمان عليه حتى غلبت مَعاصِيه طاعاته، وإلا التحَقَ بالكبائر فِي إبطال العَدالة وردِّ الشَّهادة.
(تَنْبِيه) وقَع لصاحب هذا الكتاب أنَّه قال: مَن ارتكب أمرًا فيه خلافٌ لا يُعزَّر عليه؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ادرؤُوا الحدُودَ بِالشُّبُهات)) (?)، وهذا من جملة سَقطاته؛ للاتِّفاق على أنَّه لا عبرة بعقيدة الخصم، وإنما العِبرة بعقيدة الحاكم الذي رُفِعَ إليه الخصم، فيفعَلُ فيه الحاكم باعتِقاد نفسه دُون غيره، ولو رأينا إلى هذه السَّقطة لم يجزْ أنْ يُرفَع خصمٌ إلى قاضٍ يخالف عقيدته، وهذا بدعٌ خارق للإجماع، لا يصدر مثلُه إلا ممَّن لا يُفرِّق بين الحكم بعدَ الرَّفع إلى الحكام وقبلَه؛ وبيان ذلك أنَّ مَن ارتكب مُختَلَفًا فيه فإنْ قلَّد القائل بحلِّه وكان ذلك القائل ممَّن يجوزُ تقليده فلا حرج عليه عند الله - تعالى - وهذا الذي قال فيه العلماء: لا يُعذِّب الله الشخصَ بمسألةٍ عَمِلَ بها على قول عالم، وأمَّا بالنسبة للأحكام الظاهرة فمتى رُفِعَ لحاكمٍ فعل معه باعتقاده ولم ينظر لتقليده مَن يُجوِّز ذلك ولا لعدمه إقامَة لنظام [السياسات] (?) الشرعيَّة، وإلاَّ لكان كلُّ مَن ادَّعى عليه بشيءٍ يَزعُم أنَّه قلَّد فيه مَن لا يلزمه به، وتتعطَّل الأحكام وتستحلُّ الأموال، ومن ثَمَّ قالَ