حَرَامٌ} (?) الآية، فشرعت فيه قاصدًا نُصحَ المسلمين ببيان الحلال والحرام من ذلك عند جميع العلماء أو أكثرهم، غير مُعوِّل على رأيٍ انحرَفَ به صاحبه عن جادَّة المهتَدِين، أو قول لم تصحَّ نسبته لأحدٍ من العلماء العاملين، أو استِدلالٍ جازَفَ فيه بعض المقلِّدين، إمَّا فِي حِكايته، أو استنباطه، أو فِي خلطه به ما عاد عليه بما شهد على قائله بكثرة غلطاته، وقباحة خلطه واختلاطه، محذرًا مَن أراد صِيانةَ نفسه عن مَواضِع التُّهم؛ لئلاَّ يظن به المسلمون أنَّه استحلَّ حرمات الله بتحليل ما حرَّم، وأنَّه تمادَى به التفريط والاستهتار إلى أنْ خُتِمَ له بالسوء لا سيما فِي الحرم الأعظم.
وتأمَّل قول سلف هذه الأمَّة الذين أنعَمَ الله عليهم بالحِفظ من الدخول فِي ورطةٍ ملمَّة أو مهلكةٍ مدلهمَّة: المعصية بَرِيدُ الكفر؛ أي: لا سيما مَن استصغر المعاصي وغفل عن أنَّ الله - سبحانه وتعالى - ربما جازَى العبد بما لم يخطر بباله أنَّه سببٌ لهلاكه الأبدي فِي حالِه ومآلِه، حفظنا الله وإيَّاك عن هذه الورطات المزيلة لنِعَمِ أكرم الأكرمين فِي الدينا والدِّين، وجعلنا ممَّن دلَّ الناس على الحق، وبيَّن لهم مَقامات الاحتياطات بالصدق، وحذَّرهم مقتَ الله وغضبه، ولم يبقَ لهم عذرٌ يستَمسِكون بسببه، وأبان لهم كلَّ مقام مُشكِل، وأوضح لهم كلِّ سبيل أُجمِل، مبتغيًا وجهَ ربه ذي الجلال والإكرام يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا مَن أتى الله بقلبٍ سليمٍ من كلِّ ميلٍ إلى ما أورَث شُبهة أو مَلامة آمين.
ورتَّبتُه على مقدمة وبابين وخاتمة.