وأشهد أنَّ سيدنا محمدًا عبده ورسوله، وصفيُّه وخليله، الذي أرسَلَه الله قاصمًا لأعدائه بواضح براهينه [وبيِّناته] (?) صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابه وتابعيهم المبرَّئين من سَفساف أهل الحظوظ والشَّهوات، والموفَّقين لصَرْفِ جميع الأوقات فِي مهمَّات العِبادات، لا سيَّما نفع المسلمين بتمهيد قواعد الدِّين، والرد على المُبطِلين الذي ضلُّوا سواء السبيل، واتَّخَذوا مَزامِيرَ الشيطان شَفاءً للغليل، زاعِمين زيادةَ مَعارِفهم بذلك، وما درى الأشقياء أنَّ أقدامَهم زلَّت عن سنن المسالك، وأقلامهم سجلت عليهم بأعظم المهالك؛ لأنهم سنُّوا سننًا سيِّئة مصحوبة بالإلحاد والعِناد، فباؤوا بوِزرِها، ووِزر مَن يعمل بها إلى يوم يرَوْن جزاء ذلك على رُؤوس الأشهاد، أعاذَنا الله من أمثال هذه القواطع، وجعَلَنا ممَّن ذبَّ عن شريعته الغرَّاء الواضحة [ز1/ 1/أ] البيضاء بالبراهين القَواطِع، وأدام علينا رضاه فِي هذه الدار وإلى أنْ نلقاه، إنَّه الجواد الكريم الرؤوف الرحيم.
أمَّا بعدُ: فإنِّي أثناء شهر ربيع سنة ثمانٍ وخمسين وتسعمائة دُعِيت إلى نسيكة (?) لبعض الأصدقاء، فوقَع السُّؤال عن فُروعٍ تتعلَّق بالسماع، فأغلظتُ فِي الجواب عنها وفي الردِّ على مَن زلَّ فهمُه أو قلمه فيها، فقيل لي عن كتاب لبعض المصريين بلدًا، التونسيين محتدًا، المالكيين معتقدًا، المتصوِّفين ملتحدًا، أنَّه بالغ فِي حلِّ ذلك بتأليف كتابٍ سماه "فرح الأسماع برخص السماع" (?) فبالغت فِي الردِّ عليه فِي ذلك المجلس، فبعد مُدَّةٍ أرسل