فرجعوا إلى أوطانهم فخاف عثمان وهو بالطائف أن يكون الحرب منهم ومن الشريف عليه، لما يعلم من شدة عداوتهم، فخرج بأهله وترك لهم الطائف فخافه أن يجتمعوا على حربه وليس معه إلا القليل من عشيرته ولا يأمن أهل الطائف أيضاًَ فنزل المسلمون بتربة بعد ذلك نحواً من شهر ثم رجعوا حين أكلوا ما معهم من الزاد فجرى بعد ذلك وقعات بينهم وبين المسلمين لا فائدةفي الإطالة بذكرها والمقصود من استيلائهم على المدينة ومكة والطائف كان بأسباب قدرها الملك الغلاب:

فيريك عزته ويبدي لطفه ... والعبد في الغفلات عن ذا الشأن

وفيها من العبرات أن الله أبطل كيد العدو وحمى الحوزة، وعافى المسلمين من شرهم وصار المسلمون يغزونهم فيما قرب من المدينة ومكة في نحو من ثلاث سنين أو أربع فتوفى الله سعود –رحمه الله- وهم غزاه على من كان معيناً لهذا العسكر من البوادي، فأخذوا وغنموا فبقي لهم من الولاية ما كانوا عليه أولاً إلا ما كان من مكة والطائف وبعض الحجاز، وبعد وفاة سعود تجهزوا للجهاد على اختلاف كان من أولئك الأولاد، فصار المسلمين جانبين جانباً مع عبد الله وجانباً مع فيصل وأخيه، فنزل الحناكية عبد الله ونزل فيصل تربة باختيار وأمر من أخيه له فوافق أن محمد علي حج تلك السنة فواجه فيصل هناك، فطلب منه يصالحه على الحرمين فأبى وغلظ له الجواب وفيما قال:

لا أصلح الله منا من يصالحكم ... حتى يصالح ذئب المعز راعيها

فأخذت محمد علي العزة والأنفة فسار إلى بسل، الظاهر أنه كان حريصاً على الصلح فاستعجل فيصل بمن معه فساروا إليه في بسل وقد استعد لحربهم خوفاً مما جرى منهم فأقبلوا وهم في منازله، فسار عليهم العساكر والخيول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015