لأمر الله تعالى بالصلاة عليه، وحمل الأئمة والعلماء له على الوجوب وأجمعوا عليه، وحكى أبو جعفر الطبري أن محمل الآية عنده على الندب، وادعي فيه الإجماع فهذا بعض كلام العلماء في مثل هذه وحكايات إجماعات متناقضة، ومع هذا فلم يقل أحد أن من لم يوجب الصلاة عليه فقد تنقصه أو سبه أو عاداه ونحو ذلك، فإنهم كلهم قصدهم متابعته كل بحسب اجتهاده –رضي الله عنهم أجمعين-، وكذلك تنازعوا هل تكره الصلاة عليه عند الذبح فكره ذلك ما لك وأحمد وغيرهما. قال القاضي عياض: وكره ابن حبيب ذكر النبي –صلى الله عليه وسلم- إلا على طريق وكره سحنون الصلاة عليه عند التعجب قال: ولا يصلى عليه إلا على طريق الاستحباب، وطلب الثواب، وقال أصبغ عن ابن القاسم: موطنان لا يذكر لا يذكر فيهما إلا الله الذبح والعطاس، فلا يقال فيهما بعد ذكر الله محمد رسول الله، ولو قال بعد ذكر الله محمد رسول الله لم يكره تسميته له مع الله، وقال أشهب: لا ينبغي أن تجعل الصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- استناناً قلت: والشافعي لم يكره ذلك، بل قال هو من الإيمان، وهو قول طائفة من أحاب أحمد كأبي إسحاق بن شاقلا. انتهى.
وأما ما ذكر من الأحاديث الواردة في فضل الصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- فلا ننكر ما ثبت بالأسانيد الصحيحة عن النبي –صلى الله عليه وسلم- وعن أصحابه، بل نؤمن بها ونصدق بها وقد ألف شمس الدين بن قيم الجوزية –رحمه الله تعالى- في ذلك مؤلفاً سماه "جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام" وفيه ما يشفى المؤمن ويكفيه عما صنفه الغلاة ممن لا معرفة لديه بصحيح الأخبار وضعيفها، وذكروا فيها من الأحاديث والأخبار التي لا يصح منها شيء، ولا يعتمد على نقل رواتها لأنهم ليسوا من أهل العلم المحققين فلا حاجة بنا إلى شيء ويكفينا ما ذكره