وجوابه أن يقال هذه الآية نزلت في حق المنافقين وكان هذا في حياته عليه الصلاة والسلام، فأما بعد موته فلم ينقل أحد من العلماء أن من أذنب من الصحابة أو غيرهم كأن يأتي إلى قبر النبي فيطلب منه ويسأله أن يستغفر له وهو أعلم الناس به وأعظمهم قياماً بحقه وأشدهم تعظيماً له فكيف رغب الصحابة عن هذه الفضيلة ولم يعملوا بها وعلم بها من جاء بعدهم ممن لا يحاذيهم في العلم والفضيلة فعلموها وعملوا بها وحرمها أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- سبحان الله ما أعظم شأنه كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون.
ثم قال الملحد بعد ذلك أما هو الذي قال الله له {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَر بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجَاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمَاً} .
فأقول هذه الآية وكلام القسطلاني عليها لا ينكره إلا من أعمى الله بصيرة قلبه وهو الحق الذي ندين الله به فأي لوم علينا وأي عيب يتوجه إلينا إذا لم يكن منا من يجحد ذلك وينكره وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وأما قوله: فهذه البشرى أزفها لكم يا وهابيين لتكونوا على يقين أن إيمانكم بالله وبالقرآن لا يفيدكم شيئاً ما زلتم معادين رسوله ومتمردين عليه فأقول:
ما أنت بالحكم الترضى حكومته ... ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل
ولله در ابن القيم حيث يقول:
ما وافق الحكم والمحل ولا هو اس ... توفى الشروط فصار ذا بطلان
{إِنِ الْحُكُمُ إِلَّا لِلهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} ، {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةَ رَبِّي إِذَاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكَانَ الإِنسَانُ قَتُورَاً} .