والدواب إذا رأوها من مكان بعيد فوضعوا لها الجباه وقبلوا الأرض وكشفوا الرؤوس وارتفعت أصواتهم بالضجيج وتباكوا حتى تسمع لهم النشيج ورأوا أنهم أربوا في الربح على الحجيج فاستغاثوا بمن لا يبدي ولا يعيد ونادوا ولكن من مكان بعيد حتى إذا دنوا منها صلوا عند القبر ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الميت ورضواناً وقد ملأوا أكفهم خيبة وخسراناً لغير الله بل للشيطان ما يرق ههلك من العبرات ويرتفع من الأصوات ويطلب من الميت من الحاجات ويسأل من تفريج الكربات وأغناء ذوي الفاقات ومعافاة أولي العاهات والبليات ثم انبثوا بعد ذلك حول القبر طائفين تشبيهاً له بالبيت الحرام الذي جعله الله مباركاً وهدى للعالمين ثم أخذوا في التقبيل والاستلام أرأيت الحجر الأسود وما يفعل به وفد بيت الله الحرام ثم عفروا لديه تلك الجباه والخدود الذي يعلم الله أنها لم تعفر كذلك بين يديه في السجود ثم كملوا مناسك حج القبر بالتقصير هناك والحلاق واستمتعوا بخلاقهم من ذلك الوثن إذ لم يكن لهم عند الله من خلاق وقربوا لذلك الوثن القرابين وكانت صلاتهم ونسكهم وقربانهم لغير لله رب العالمين فلو رأيتهم يهنئ بعضهم بعضهم ويقول أجزل الله لنا ولكم أجراً وافراً وحظاً، فإذا رجعوا سألهم غلاة المتخلفين أن يبيع أحدهم ثوب حجة القبر بحج المتخلف إلى البيت الحرام فيقول لا ولو بحجك كل عام؟ وهذا ولم نتجاوز فيما حكيناه عنهم ولا استقصينا جميع بدعهم وضلالهم إذ هي فوق ما يخطر بالبال ويدور في الخيال وهذا مبدأ عبادة الأصنام في قوم نوح كما تقدم وكل من شم أدنى رائحة العلم والفقه يعلم أن من أهم الأمور سد الذريعة إلى هذا المحذور وأن صاحب الشرع أعلم بعاقبة ما نهى عنه وما يؤول إليه وأحكم في نهيه عنه وتوعده عليه وأن الهدي والخير في اتباعه وطاعته والشر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015