كان يتعاطى علم النجوم ويأخذ منه أحكام الحوادث سبحانك هذا بهتان عظيم وإنما كانت النظرة التي نظرها في علوم النجوم من معاريض الأفعال كما كان قوله {فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} ، وقوله {إِنِّي سَقِيمٌ} وقوله عن امرأته "سارة" هذه أختي من معاريض المقال ليتوصل بها إلى غرضه من كسر الأصنام كما توصل بتعريضه بقوله "هذه أختي" إلى خلاصها من يد الفاجر ولما غلظ فهم هذا عن كثير من الناس وكشفت طباعهم عن إدراكه ظنوا أن النظرة في النجوم ليستنبط منها علم الأحكام وعلم أن نجمه وطالعه يقضي عليه بالسقم وحاشا لله أن يظن ذلك بخليله –صلى الله عليه وسلم- أو بأحد من أتباعه وهذا من جنس معارض يوسف الصديق –صلى الله عليه وسلم- حين تفتيش أوعية أخيه عن الصاع فإن المفتش بدأ بأوعيتهم مع علمه أنه ليس فيها وأخر وعاء أخيه مع علمه أنه فيها تعريضاً بأنه لا يعرف فيها أي وعاء وهي ونفياً للتهمة عنه بأنه لو كان عالماً في أي أوعية هي لبادر إليها ولم يكلف نفسه تعب التفتيش لغيرها فلهذا نظر الخليل –صلى الله عليه وسلم- في النجوم نظر تورية وتعريض محض ينفي به عنه تهمة قومه ويتوصل به إلى كيد أصنامهم. انتهى.
فهذا ما ذكره شمس الدين ابن القيم –رحمه الله تعالى- في مشابهة زنادقة هذه الأمة لمن قبلها من الأمم من عبادة الأجرام العلوية واعتقاد التأثيرات منها في العلوم السفلية، وأما ما ذكره في الزيارات من الاعتقادات التي ضاهوا بها اليهودية والنصرانية فنذكر شيئاً يسيراً منه قال ابن القيم –رحمه الله تعالى- في "إغاثة اللهفان" فمن مفاسد اتخاذها أعياداً للصلاة إليها والطواف بها وتقبيلها واستلامها وتعفير الخدود على ترباتها وعبادة أصحابها والاستغاثة بهم وسؤالهم النصر والرزق والعافية وقضاء الديون وتفريج الكربات وإغاثة اللهفات وغير ذلك من أنواع الطلبات التي كان عباد الأوثان يسألونها أوثانهم فلو رأيت غلاة المتخذين لها عيداً وقد نزلوا عن الأكوار