أملهم بما يرجون".
فالجواب أن نقول: من نظر بعين البصيرة وجدهم من أهدى الناس وأرشدهم وأقربهم إلى الحق الذي بعث الله به نبيه محمد –صلى الله عليه وسلم- وأنهم بذلك على الصراط المستقيم والدين القويم ووجدكم أشقى الخلق وأحمقهم وأبعدهم عن الحق الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه وأنكم بذلك على الكفر الوخيم والشرك الذميم الموافق لما عليه أصحاب الجحيم لا يمتري في ذلك من كان ذا قلب سليم وعقل مستقيم. وقوله: "ولو صح لهم هذا التأويل الباطل لكانوا هم أشد الناس شركاً لأنهم يزورون الأمراء والحكام" إلى آخره. فأقول هذا من أفسد القياس وأبطل الباطل وأمحل المحال وأضل الضلال فإن هذا لا يقوله من له أدنى مسكة من عقل أو دين ويفرق بين دين المسلمين ودين المشركين وبين ما يجوز من الأسباب العادية وما لا يجوز من الأمور والأفعال الشركية فإن زيارة الأمراء والحكام والتزلف إليهم والتوسل ببعضهم في حوائجهم فيما كان بأيديهم وداخل تحت قدرتهم وملكهم وتصرفهم من الأمور الدنيوية التي لا يعجزون عنها وهي تحت مقدورهم وفي طوقهم ليس بشرك بل هو من الأسباب العادية التي أجرى الله نفع العباد بعضهم ببعض بها فإن ذلك كله مما لا نزاع في جوازه لدى الموحدين وقد ذكر ذلك أهل العلم في مصنفاتهم، قال الشيخ صنع الله الحلبي –رحمه الله تعالى-: "والاستغاثة تجوز في الأسباب الظاهرة العادية من الأمور الحسبة في قتال أو إدراك عدو أو سبع ونحوه كقولهم: يا لزيد، يا للمسلمين، بحسب الأفعال الظاهرة" انتهى. وهذا كما يقول الرجل لصاحبه في السفر أعني على حمل دابتي وعلى حمل متاعي وأعطني ما يرد علي هذا الشارد أو ادفع عني هذا السبع الصائل أو كمن يقول لبعض الأمراء والحكام