وقوله: "معاذ الله ما هذا بالذي يذهب بالإيمان بل هو محض الإيمان بالله ورسوله وامتثال ما أمر به والانتهاء عما نهى عنه وذلك لا يخفى إلا على من أعمى الله بصيرة قلبه وقد تقدم بيان ذلك بحمد الله منته وذلك لا يكون مبغضاً لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- ولا معاداة له، وإنما المبغض لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- والمعادي له من عصاه وخالف أمره وأشرك بالله في خالص حقه وإنما بعث النبي –صلى الله عليه وسلم- لتكفير من فعل هذا وقتله واستحلال ماله ودمه وأن يكون الدين كله ولا يكون فيه شركة لأحد سواه {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} .
وأما قوله "ففسروا الزيارة بمعنى عبادة الأوثان وشبهوا التوسل بما يفعله مشركو العرب وغيرهم".
فأقول: نعم من زار قبور الأنبياء والأولياء والصالحين وفعل كما فعل مشركو العرب من دعائهم الأنبياء والأولياء والصالحين وما يفعلونه عند الأشجار كالعزى والأحجار كاللات ومناة الثالثة الأخرى واستغاث بهم كما استغاث المشركون بأوثانهم وطلب منهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات وإغاثة اللهفان وذبح لهم الذبائح ونذر لهم النذور كما كان يفعله المشركون عند تلك الأشجار والصخور وكما كان يفعله اليوم عباد القبور فهذا هو معنى عبادة الأوثان وما الفارق بين من فعل هذا وهذا إن كنتم تعلمون؟ {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ، {هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} .
وأما قوله: فانظر ما أشقاهم وأحمقهم وأبعدهم عن الحق ولو صح لهم هذا التأويل الباطل لكانوا هم أشد الناس شركاً لأنهم يزورون الأمراء والحكام ويتزلفون إليهم ويتوسلون ببعضهم في حوائجهم بكل قول وعمل وربما خاب