في حياته وهو أنهم يتوسلون بدعائه وشفاعته لهم فيدعو لهم ويدعون معه كالإمام والمأمومين من غير أن يقسمون على الله بمخلوق كما ليس لهم أن يقسم بعضهم على بعض بمخلوق، فإذا تحققت ذلك فاعلم أن التوسل في عرف أهل هذا الزمان من عباد القبور واصطلاحهم هو دعاء الأنبياء والأولياء والصالحين وصرف خالص حق الله تعالى بجميع أنواع العبادات من الدعاء والخوف والرجاء والذبح والنذر والالتجاء إليهم والاستغاثة بهم والاستعانة والاستشفاع بهم وطلب الحوائج من الولائج في المهمات والملمات لكشف الكربات وإغاثة اللهفات ومعافات أولي العاهات والبليات إلى غير ذلك من الأمور التي صرفها المشركون لغير فاطر الأرض والسموات، فمن صرف من هذه الأنواع شيئا لغير الله كان مشركا فهذا هو الذي تكره الوهابية ويقولون أنه شرك بالله ومناف للتوحيد وبذلك قال أهل العلم من سلف الأمة وأئمتها، وأما زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه المشروع فالوهابية لا ينكرونها بل هي من أفضل الأعمال وإنما ينكرون شد الرحال إلى ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا" وأما قوله: وغرس في قلوبهم بغض الرسول ومعاداته إلى آخره، فالجواب أن يقال: ليس في اتباع ما أمر الله به ورسوله من طاعته وطاعة رسوله واجتناب ما نهى الله عنه ورسوله وحذر أمته من ذلك ما يوجب البغض للنبي –صلى الله عليه وسلم- معاداته بل ذلك عين تعظيم الله ورسوله وتعظيم اتباعه كما ذكر ذلك أهل العلم في كل مصنف وكتاب قال شيخ الإسلام ابن تيمية –قدس الله روحه- ونور ضريحه في الجواب الباهر. الوجه الثالث: أن يقال لا ريب أن أهل البدع يحجون إلى قبور الأنبياء والصالحين ولا يقصدون الدعاء لهم