حقا ما فيرد الحق في الأصل هذا كله حتى يبقى هذا مبطلا في البعض كما كان الأول مبطلا في الأصل وتمام الكلام في هذا مذكور مبسوط في "اقتضاء الصراط المستقيم" لشيخ الإسلام بن تيمية قدس الله روحه، فمن أراد الوقوف عليه فليراجعه هناك وبالله التوفيق، وأما ما ذكره عن الشيخ عبد الغني النابلسي عن والده من الحديث الذي رواه البيهقي في المدخل بسنده عن بن عباس فلم يذكر له اسنادا واذا لم يذكر له إسناداً فلا يعتمد عليه ولا يعول عليه ومثل هذا لا تثبت به الأحكام الشرعية إلا بعد ذكر روايته وأنهم عدول أثبات ليس فيهم مجروح ولا مغمور والله أعلم بصحته.
وأما ما ذكر بعد ذلك من قوله: أن الأئمة الأربعة ضبطوا في كتبهم التفسير والحديث بقصد العمل بهما فلذا تحروا وجه صحة ما دونوه وما اتفق عليه الصحابة وما اختلفوا فيه وما كان عليه التابعون بعد الصحابة وأئمة الحديث ما دونوه بهذا القصد ولا تتبعوا فيه أحوال الصحابة والتابعين بل دونوه لأجل حفظه فلذا ما كان مقصدهم تحري ما تحراه الأئمة سيما أن الأربعة سبقوهم لبيان ما يجوز التعبد والتعامل فيه وما لا يجوز إلى آخره.
فالجواب: أن يقال هذا من الخطأ الواضح والإفك الفاضح ومن أعظم الكذب والجرأة على منصب أئمة الحديث واهتضامهم بهذا القصد الخبيث ومن المعلوم بالضرورة أن أئمة الحديث إنما دونوا ما دونوه من الحديث عن النبي –صلى الله عليه وسلم- إنما هو لقصد العمل به وقصد حفظه ضبطه كما قصد ذلك أو الأئمة الأربعة وكان أيضاً من المعلوم بالضرورة أن أئمة الحديث كانوا في العلم بالناسخ والمنسوخ والعام والخاص والمقيد والمطلق والمجمل والمفصل والظاهر والمضمر