إلى ربهم راجعون جعلوا التعصب للمذاهب ديانتهم التي بها يدينون ورؤوس أموالهم التي بها يتجرون، وآخرون منهم قنعوا بمحض التقليد وقالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون، والفريقان بمعزل عما ينبغي اتباعه من الصواب ولسان الحق يتلو {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} قال الشافعي –رحمه الله تعالى-: أجمع المسلمون أن من استبانت سنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس، قال أبو عمر وغيره من العلماء: أجمع الناس على أن المقلد ليس معدوداً من أهل العلم وأن العلم معرفة الحق بدليله، وهذا كما قال ابن عمر –رحمه تعالى- فإن الناس لا يختلفون أن العلم هو المعرفة الحاصلة عن الدليل وأما بدون الدليل فإنما هو تقليد فقد تضمن هذا أن الإجماعان إخراج المتعصب بالهوى والمقلد الأعمى عن زمرة العلماء. وسقوطهما باستكمال من فوقهما الفروض من وراثة الأنبياء فإن العلماء هم ورثة الأنبياء فإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما وروثا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر وكيف يكون من ورثة الرسول –صلى الله عليه وسلم- من يجهد ويكدح في رد ما جاء به إلى قول مقلده ومتبوعه ويضيع ساعات عمره في التعصب والهوى ولا يشعر بتضييعه تالله إنها فتنة عمت فأعمت ورمت القلوب فأصمت ربا عليها الضمير وهرم فيها الكبير واتخذ لأجلها القرآن مهجوراً وكان ذلك بقضاء الله وقدره في الكتاب مسطوراً ولما عمت بها البلية وعظمت بسببها الرزية بحيث لا يعرف أكثر الناس سواها ولا يعدون العلم إلا إياها فطالب الحق من مظانه لديهم مفتون ومؤثرة على ما سواه عندهم مغبون نصبوا لمن خالفهم في طريقهم الحبائل وبغواله الغوائل ورموه عن قوس الجهل والبغي والفساد وقالوا لإخوانهم إنا نخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد فحقيق بمن لنفسه عنده قدر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015