عالياً على خلقه بائناً من مخلوقاته مستوياً على عرشه ليس فوقه شيء فهذا المعنى حق فكأنك قلت لو كان فوق العرش لكان فوق العرش، فنفيت الشيء بنفسه بتغيير العبارة عنه وقلبها إلى عبارة أخرى وهذا شأنكم في أكثر مطالبكم وإن أردت بقولك كان مركباً يتميز منه شيء عن شيء فقد وصفته أنت بصفات يتميز بعضها عن بعض فهل كان عندك هذا تركيباً فإن قلت هذا لا يقال وإنما يقال لمن أثبت شيئاً من الصفات، وأما أنا فلا أثبت له صفة واحدة فراراً من التركيب قيل لك العقل لم يدل على نفي المعنى الذي سميته أنت مركباً وقد دل الوحي والعقل والنظر على ثبوته أتنفيه لمجرد تسميتك الباطلة؟ فإن التركيب يطلق ويراد به خمسة معان. الأول تركيب الذات من الوجود والماهية عند من يحمل وجودها زائداً على ماهيتها فإذا نفيت هذا التركيب جعلته وجوداً مطلقاً إنما هو في الأذهان لا وجود له في الخارج والأعيان. الثاني تركيب الماهية من الذات والصفات، فإذا نفيت هذا التركيب جعلته ذاتاً مجردة من كل وصف لا يبصر ولا يسمع ولا يعلم ولا يقدر ولا يدبر ولا حياة ولا مشيئة ولا صفة له أصلاً فكل ذات في المخلوقات أولى من هذه الذات فاستفدت بنفي هذا التركيب الجسيمة كفر بالله وجحدك لذاته وصفاته، وأفعاله. الثالث تركيب الماهية الجسيمة من الهيولي والصورة كما يقول الفلاسفة. الرابع تركيبها من الجواهر الفردة كما يقوله كثير من أهل الكلام.

الخامس: تركيب الماهية من أجزاء متفرقة اجتمعت وركبت، فإن أردت بقولك لو كان فوق العرش لكان مركباً كما يدعيه الفلاسفة والمتكلمون، قيل لك جمهور العقلاء عندهم أن الأجسام المحدثة المخلوقة ليست مركبة من هذا ولا من هذا، فلو كان فوق العرش جسم مخلوق محدث لم يلزم أن يكون مركباً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015