وقد ذكر الفضل لأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وله الفضل على رسوله وعلى المؤمنين، وقال: {إ ِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} فجعل الرغبة إلى الله وحده كما في قوله: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ , وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} وقال النبي –صلى الله عليه وسلم- لابن عباس: "إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله" والقرآن يدل على مثل هذا في غير موضع، فجعل العبادة والخشية والتقوى لله وجعل الطاعة والمحبة لله ورسوله كما في قول نوح –عليه السلام-: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} وقوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} وأمثال ذلاك، فالرسل أمروا بعبادته وحده والرغبة إليه والتوكل عليه والطاعة لهم فأضل الشيطان النصارى وأشباههم فأشركوا بالله وعصوا الرسول فاتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم، فجعلوا يرغبوا إليه ويتوكلون عليهم ويسألونهم مع معصيتهم لأمرهم ومخالفتهم لسنتهم وهدى الله المؤمنين المخلصين لله أهل الصراط المستقيم الذين عرفوا الحق واتبعواه فلم يكون من المغضوب عليهم ولا الضالين فأخلصوا دينهم لله وأسلموا وجوهم لله وأنابوا إلى ربهم وأحبوه ورجوه وخافوه وسألوه ورغبوا إليه وفوضا أمورهم إليه وتوكلوا عليه وأطاعوا رسله وعزروهم ووقروهم وأحبوهم ووالوهم واتبعوهم واقتفوا آثارهم واهتدوا بمنارهم، وذلك هو دين الإسلام الذي بعث الله به الأولين والآخرين من الرسل، وهو الدين الذي لا يقبل من أحد ديناً إلا إياه وهو حقيقة العبادة لرب العالمين فنسأل الله العظيم أن يثبتنا عليه ويكمله لنا ويميتنا عليه وسائر إخواننا المسملين. انتهى، هذا والذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه شمس الدين ابن القيم –رحمهما الله تعالى- هو الذي نعتقده وندين الله به لأنه صريح ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- وصريح ما عليه أئمة السلف والمحققون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015