الرد: ما الدليل على أن المقصود هو آصف بن برخيا، إن قصة آصف بن برخيا لم يرِدْ فيها حديث مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فيما نعلم. نريد إسناداً ـ على الأقل ـ لهذه القصة؟
في المسألة أقوال كثيرة؛ أقواها أربعة أقوال وهي:
1 - أنه آصف بن برخيا كاتب سليمان - عليه السلام -.
2 - أنه سليمان - عليه السلام - نفسه.
3 - أنه جبريل - عليه السلام -.
4 - أنه ملك من الملائكة.
* القول الأول: بأنه آصف بن برخيا، وكان وزيراً لسليمان - عليه السلام - وكان صدّيقاً يعلم اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى. وهذا القول رواه محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان، وهذا إسناد لا يسمن ولا يغني من جوع، فإن بين يزيد بن رومان وبين سليمان - عليه السلام - مفاوز تقطع دونها أعناق الإبل.
* القول الثاني: قال ابن عطية: وقالت فرقة هو سليمان نفسه، ويكون الخطاب على هذا للعفريت، كأن سليمان استبطأ ما قاله العفريت فقال له تحقيراً له: {أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} وهذا القول أقرب لمعنى الآية، ودلالته ظاهرة، ورجحه بعض العلماء؛ لأن سليمان - عليه السلام - نبي ورسول وملِك، فلا ينبغي أن يكون من حاشيته أعلم بالكتاب منه، فالذي عنده علم من الكتاب أيكون أحد حاشيته أو كاتبه؟ ويكون لديه من القوة أعظم مما لدى سليمان نفسه؟
وكيف يكون ذلك وقد استجاب الله دعوة سليمان {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (ص:35) فكيف يكون لكاتبه قوة أقوى منه أليست القوة من أهم أسباب الملك، ولا سيما وأنه نبي مؤيد بالمعجزات؟ فبدهي أن يكون عند سليمان علم من الكتاب وذلك من باب أولى من جميع أفراد مملكته. وإلا فيكون في مملكته من هو أصلح للنبوة والملك منه؟!! فهل يعقل أن يكون عند آصف علم من الكتاب، وسليمان يجهل هذا العلم؟!!!