أن يفرقوا بين القبيلَين، فيطلقون لفظ الكراهية على كراهية التنزيه فقط، ويخصون كراهية التحريم بلفظ التحريم والمنع، وأشباه ذلك.
وأما المتقدمون من السلف فإنهم لم يكن من شأنهم فيما لا نص فيه صريحًا أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام. ويتحامون العبارة خوفًا مما في الآية من قوله تعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ} (النحل: 116)، وحكى مالك عمن تقدم هذا المعنى، فإذا وجدت في كلامهم في البدعة أو غيرها: أكره هذا، ولا أحب هذا وهذا مكروه وما أشبه ذلك، فلا تقطعن على أنهم يريدون التنزيه فقط فإنه إذا دل الدليل في جميع البدع على أنها ضلالة فمن أين يعد فيها ما هو مكروه كراهية التنزية؟» (الاعتصام (2/ 397، 398).
ومما يوضح كلام الإمام الشاطبي أن الإمام الترمذي قال في سننه: «باب كراهية إتيان الحائض»، وذكر فيه قول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «من أتى حائضًا، أو امرأة في دبرها فقد كفر بما أُنزِل على محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -» (رواه الترمذي وصححه الألباني).
فهل يُعقل أن يستدل الإمام الترمذي بهذا الحديث على الكراهة التنزيهية؟!!