قال الإمام الشوكاني: «والمكروه يقال بالاشتراك على أمور ثلاثة: الأول: على ما نهي عنه نهي تنزيه، وهو الذي أشعر فاعله أن تركه خير من فعله، الثاني: على ترك الأولى، الثالث: على المحظور وهو المحرم». (إرشاد الفحول، ص 6).
قال الإمام ابن القيم: «قال ابن وهب: سمعت مالكًا يقول: لم يكن من أمر الناس ولا مَنْ مضى من سلفنا، ولا أدركتُ أحدًا ممن أقتدي به يقول في شيء: «هذا حلال، وهذا حرام» وما كانوا يجترئون على ذلك، وإنما كانوا يقولون: نكره كذا ونرى هذا حسنًا، فينبغي هذا، ولا نرى هذا، ورواه عنه عتيق بن يعقوب، وزاد: ولا يقولون حلال ولا حرام، أمَا سمعت قول الله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلًا قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ} (يونس: 59) الحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ماحرمه الله ورسوله.
قلت (القائل الإمام ابن القيم): وقد غلط كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم بسبب ذلك، حيث تورع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم، وأطلقوا لفظ الكراهة، فنفى المتأخرون التحريم عما أَطلق عليه الأئمة لفظ الكراهة، ثم سهل عليهم لفظ الكراهة وخفّت مؤنته عليهم فحمله بعضهم على التنزيه، وتجاوز به آخرون إلى كراهة ترك الأولى، وهذا كثير جدًا في تصرفاتهم».
ثم ذكر الإمام ابن القيم أمثلة كثيرة منها قول الإمام أحمد: «لا يعجبني أكل ما ذبح للزهرة ولا الكواكب ولا الكنيسة وكل شيء لغير الله، قال الله - عز وجل -: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ}» (المائدة: 3)،ثم قال الإمام ابن القيم: «فتأمل كيف قال: «لا يعجبني» فيما نَصّ الله ـ سبحانه ـ على تحريمه واحتج بتحريم الله له في كتابه» ا. هـ. (إعلام الموقعين 1/ 40).
قال الإمام الشاطبي - رحمه الله -: «وأما كلام العلماء فإنهم وإن أطلقوا الكراهية في الأمور المنهي عنها لا يعنون بها كراهية التنزيه فقط، وإنما هذا اصطلاح المتأخرين حين أرادوا