لبكائه - صلى الله عليه وآله وسلم -، ثم إنه طفر ـ أي وثب ـ فنزل فقال: «يا حميراء استمسكي»، فاستندت إلى جنب البعير. فمكث عني طويلًا ثم عاد إلي وهو فرح مبتسم، فقلت له: بأبي أنت وأمي يا رسول الله. نزلْتَ من عندي وأنت باكٍ حزين مغتم فبكيتُ لبكائك يا رسول الله، ثم إنك عدت إليَّ وأنت فرح مبتسم فعن ماذا يا رسول الله؟ فقال: مررت بقبر أمي آمنة فسألت الله ربي أن يحييها فأحياها فآمنت بي ـ أو قال ـ فآمنت وردها الله - عز وجل -.

الجواب: هذا الحديث أورده ابن الجوزي في (الموضوعات) ثم قال: «هذا حديث موضوع بلا شك والذى وضعه قليل الفهم عديم العلم؛ إذ لو كان له علم لَعلِم أن من مات كافرًا لا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة، لا بل لو آمن عند المعاينة لم ينتفع، ويكفى في رد هذا الحديث قوله تعالى: {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} (?) (البقرة:217) وقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في الصحيح: «استأذنت ربى أن أستغفر لأمي فلم يأذن لى»، ومحمد بن زياد هو النقاش وليس بثقة، وأحمد بن يحيى ومحمد بن يحيى مجهولان، وقد كان أقوام يضعون أحاديث ويدسونها في كتب المغفلين فيرويها أولئك.

قال شيخنا أبو الفضل بن ناصر: هذا حديث موضوع وأم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ماتت بالأبواء بين مكة والمدينة ودفنت هناك وليست بالحجون».

الشبهة الثالثة ليست بحاجة إلى رد: قال الإمام القرطبى في (التذكِرة):قد ذكر السهيلي في (الروض الأنُف) بإسناد فيه مجهولون «أن الله تعالى أحيا له أباه وأمه وآمنا به».

الشبهة الرابعة: عن على بن أبى طالب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «هبط على جبريل فقال: يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول: إنى حرمت النار على صُلب أنزلك وبطن حملك وحجر كفلك. فقال: يا جبريل، بيِّن لى، فقال: أما الصُلب فعبد الله، وأما البطن فآمنة بنت وهب، وأما الحِجْر فعبد يعنى عبدالمطلب وفاطمة بنت أسد».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015