أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر» قال: «لا تفعل، فإني أخشى عليك الفتنة» فقال: «وأي فتنة في هذه؟ إنما هي أميال أزيدها!» قال: «وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقْتَ إلى فضيلة قصّر عنها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؟! إني سمعت الله يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور: 63)». (الاعتصام 1/ 132).
ونلاحظ في هذه الأمثلة أن الدافع إلى البدعة ومخالفة السنة كان الحرص على الخير والزيادة في الطاعة ومع ذلك فقد أكد الأئمة على ضرورة الوقوف عند حدود السنن، وهم في ذلك على قاعدة عظيمة في تجريد الاتباع ذكرها التابعي الجليل سعيد بن جبير - رحمه الله - وهي قوله: «قد أحسن من انتهى إلى ما سمع» (رواه الإمام مسلم).
:* قال الإمام الشَّافِعِيّ - رحمه الله -: « ... وَلَكِنَّا نَتَّبِع السُّنَّة فِعْلًا أَوْ تَرْكًا». (فتح الباري3/ 475).
* قال الإمام الشاطبي - رحمه الله -: «. .. الإنسان لا ينبغي له أن يعتمد على عمل أحد البتة، حتى يتثبت ويسأل عن حكمه؛ إذ لعل المعتمَد على عمله يعمل على خلاف السُنَّة، ولذلك قيل: لا تنظر إلى عمل العالم، ولكن سَلْه يصْدُقْك، وقالوا: ضعف الروية أن يكون رأي فلانًا يعمل فيعمل مثله، ولعله فعله ساهيًا». (الاعتصام 2/ 508).
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «. .. عادة بعض البلاد أو أكثرها، وقول كثير من العلماء، أو العبّاد، أو أكثرهم، ونحو ذلك ليس مما يصلح أن يكون معارضًا لكلام الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى يعارض به». (اقتضاء الصراط المستقيم ص245).
* ما من عالم إلا وله زلة، أبى الله أن تكون العصمة لغير نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - ومن الخطير الولوع بالغرائب والزلات والتعلق بها، باعتبارها رأي فلان أو فلان ممن يشار إليهم بالبنان، وما فتيء العلماء يحذّرون من مسقطة يجريها الشيطان على لسان فاضل عليم،