ومقتل الحسين بن علي عنهما ومقتل كثير من الصحابة كعبد اللَّه بن الزبير وغيره، واستباحة مدينة الرسول في يوم الحرة وضرب الكعبة بالمنجنيق أيام الحجاج، ثم توقفت الفتن والحروب بعد ذلك وانتشرت الفتوحات الإسلامية فكان خيرًا ولكن فيه دخن، أي خبر غير خالص تشوبه بعض المنكرات والترف وظهور البدع والفرق التي فرقت المسلمين وجعلتهم طرائق قددًا، وهذه الفرق -لا شك- كانت تهدى بغير هدى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث كان في أقوالهم حق مشوب بالباطل، لعدم اتباعهم المنهج الذي رسمه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- واتبعه أصحابه من بعده، ثم كان بعد ذلك الخير العميم -الذي استمر أكثر من عشرة قرون- كان بعده الشر الذي تمثل في ظهور الدعاة على أبواب جهنم، وهم دعاة الكفر والإلحاد، الذين ظهروا في منتصف القرن الرابع عشر الهجري ومطلع هذا القرن الميلادى، فقلوبهم قلوب الشياطين الذين توغر بالحقد والكره للحق وأهله، وتطرب للباطل والشر ودهاقنة الكفر والضلال، النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يوصى حذيفة وأمته من خلاله أن تعتزل هذه الفرق الضالة كلها، وتتمسك بأهداب الكتاب والسنة، وعلى المسلم أن يبقى متمسكًا بمبادئ الحق، عاضًا بالنواجذ على إيمانه بأحقية الإسلام، ويعتزل هذه الفرق كلها ولو أن يلزم جزع شجرة ماسكًا به حتى يدركه الموت وهو كذلك على الحق المبين، غير حائر ولا وجل ليأمن الفتنة في دينه، هكذا كانت وصية الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لحذيفة وأمته من بعد حذيفة.
تبين من خلال الحديث السالف وضع فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- النقاط على الحروف لحذيفة، بأن يلزم جماعة المسلمين عند ظهور الدعاة على أبواب جهنم، وهذه